للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: "فلا تهجها" من هاج الشيء، وهجته إذا أثرته، وهذا الحديث يدل على حرمة التعرض لمال المسلم بغير إذن وإن كان لابن عمه، وكذا لو كان لأخيه أو لأبيه، وأما الأب فله أن يتعرض لمال ابنه بلا إذنه، والمولى يتعرض لمال عبده بلا إذنه.

ويستثنى من ذلك نحو شرب الماء من كوز حديقة، بغير إذنه، وكذا نزح الماء من بئره، وأخذ النار من كانونه، وكذا يستثنى الأكلَ من ثماره وطعامه إذا علم أنه لا ينقبض لذلك، وذلك لما بينهما من المودة قال الله تعالى: {أَوْ صَدِيقِكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَأْكُلُوا جَمِيعًا أَوْ أَشْتَاتًا} (١) ".

وذكر محمَّد بن ثور، عن معمر قال: "دخلت بيت قتادة فأبصرت فيه رطبًا، فجعلت آكله، فقال: ما هذا، قلت: أبصرت رطبًا في بيتك فأكلته، قال: أحسنت قال الله: {أَوْ صَدِيقِكُمْ} (١) ".

وذكر عبد الرزاق (٢)، عن معمر، عن قتادة: "في قوله: {أَوْ صَدِيقِكُمْ} قال: إذا دخلت في بيت صديقك من غير مؤامرته، لم يكن بذلك [بأس] (٣) ".

وقال ابن وهب: سمعت مالكًا يقول في الرجل يدخل الحائط فيجد الثمر ساقطًا، قال: لا يأكل منه إلا أن يكون يعلم بأن صاحبه طيب النفس بذلك، أو يكون محتاجًا إلى ذلك فأرجوا أن لا يكون عليه شيء إن شاء الله.

فإن قيل: ما حكم الذمي في هذا؟

قلت: قال ابن وهب: سمعت مالكًا يقول في المسافر ينزل بالذمي أنه لا يأخذ من ماله شيئًا إلا بإذنه، وعن طيب نفس منه، فقيل لمالك: أرأيت الضيافة التي جعلت عليهم ثلاثة أيام؟ قال: كان يومئذ مخفف عنهم.


(١) سورة النور، آية: [٦١].
(٢) "تفسير عبد الرزاق" (٣/ ٦٤).
(٣) في "الأصل، ك": "بأسًا" وهو خطأ، والمثبت من "تفسير عبد الرزاق".

<<  <  ج: ص:  >  >>