جوابه لهم:"إنَّ الماء لا ينجسه شيء" يريد الكثير منه الذي صفته صفة ماء هذه البئر في غزارته؛ لأن السؤال إنما وقع عنها نفسها فخرج الجواب عليها.
قوله:"على هذه الصفة" إشارة إلى قوله: "فكان الماء لا يستقر فيها".
قوله:"أو يعلم أنَّهَا" أي النجاسة.
قوله:"وإنْ كان لم يعلم ذلك" أي وقوع النجاسة في الماء الذي يؤخذ منه، كان الماء طاهرا على حاله؛ لأن الأصل الطهارة فلا يثبت كونه نجسا إلَّا بالعلم، وإنْ شك فيه فكذلك طاهر، على الأصل المعهود: أن اليقين لا يزول بالشك.
ص: وقد حُكي هذا القول الذي ذكرناه في بئر بضاعة عن الواقدي، حدثنيه أبو جعفر أحمد بن أبي عمران، عن أبي عبد الله محمَّد بن شجاع الثَلجي، عن الواقدي: أنَّهَا كانت كذلك.
ش: أشار به إلى القول المحكي عن القوم الذين قالوا: إنها كانت طريقا للماء إلى البساتين.
قوله:"حدثنيه" أي هذا القول.
أبو جعفر أحمد بن أبي عمران موسى بن عيسى الفقيه البغدادي، وثقه ابن يونس.
ومحمد بن شجاع الثلجي -بالثاء المثلثة وبالجيم في آخره- من أصحاب الحسن بن زياد اللؤلؤي وقد شنع عليه أصحاب الحديث تشنيعا عظيما، وقال في التهذيب: كان فقيه أهل الرأي في وقته وصاحب التصانيف. ونقل ابن الجوزي عن ابن عدي أنه كان يضع أحاديث في التشبيه ينسبها إلي أصحاب الحديث يثلبهم بها.
قلت: من جملة تصانيفه كتاب "الردّ على المشبهة" فكيف يصح هذا عنه، وكان دَيّنا صالحا عابدا (١).
(١) قال الذهبي -رحمه الله- في "السير" (١٢/ ٣٨٠): "وكان صاحب تعبد وتهجد وتلاوة، مات ساجدًا، له كتاب "المناسك" في نيف وستين جزءًا، إلَّا أنه كان يقف في مسألة القرآن وينال من الكبار. =