فهذا يدل على أن العامة قد كانوا يلبسون الخواتيم في زمن النبي -عليه السلام-، ولو كان مما لا ينبغي لهم لكان -عليه السلام- منعهم عن ذلك.
ص: فإن قال قائل: فكيف تحتج بهذا وهو منسوخ؟
قيل له: إن الذي احتججنا به منه ليس بمنسوخ، وإنما المنسوخ ترك لبس الخاتم من الذهب للنبي -عليه السلام- ولغيره من أمته، وقبل ذلك فقد كان هو وَهُمْ في ذلك سواء، فلما نسخ حكم لبس الخاتم من الذهب كان الحكم متقدمًا في لبسه ولبسهم الخاتم سواء، و [لما](١) كان النسخ لم يمنعه هو -عليه السلام- من لبس خاتم الفضة، فكذلك أيضًا لا يمنعهم من لبس الخواتيم، فهذا الذي أردناه من هذا الحديث.
ش: السؤال ظاهر.
وتقرير الجواب: أن الذي احتج به من الحديث المذكور ليس بمنسوخ؛ لأن الذي نُسخ منه هو لبس الخاتم من الذهب للنبي -عليه السلام- ولأمته، وقبل نسخ هذا الحكم كان النبي -عليه السلام- وأمته في ذلك سواء، ثم لما ورد النسخ ولم يمنع النبي -عليه السلام- من لبس خاتم الفضة فكذلك لم يمنع أمته من لبس الخواتيم. فافهم.
ص: وقد روي عن جماعة ممن لم يكن لهم سلطان أنهم كانوا يلبسون الخواتيم فمما روي في ذلك:
ما حدثنا على بن معبد، قال: ثنا محمَّد بن جعفر المدائني، قال: حدثنا حاتم بن إسماعيل، عن جعفر بن محمَّد، عن أبيه:"أن الحسن والحسين - رضي الله عنهما - كانا يتختمان في يسارهما، وكان في خواتيمهما ذكر الله سبحانه".
حدثنا علي، قال: ثنا يعلى بن عبيد، قال: ثنا رِشْدِين بن كُريب، أنه قال:"رأيتُ ابن الحنفية يتختم في يساره".
حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا الوُحَاظي، قال: ثنا سليمان بن بلال، قال: ثنا جعفر بن محمَّد، عن أبيه قال:"كان الحسن والحسين - رضي الله عنهما - يتختمان في يسارهما".