للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن ذلك: "أنه -عليه السلام- لما قدم المدينة استقبح ما كانوا يصنعونه من تلقيح النخل، فنهاهم عن ذلك فاحشفت، وقال: عَهْدي بثماركم بخلاف هذا؟! فقالوا: نهيتنا عن التلقيح، وإنما كانت جودة الثمر من ذلك، قال: أنتم أعلم بأمر دنياكم، وأنا أعلم بأمر دينكم". وفي رواية الطحاوي: "إنما هو ظن ظننته، إن كان يغني شيئًا. . . ." إلى آخره.

أخرجه بإسناد صحيح: عن يزيد بن سنان، عن أبي عامر عبد الملك بن عمرو العقدي، عن إسرائيل بن يونس بن أبي إسحاق السبيعي، عن سماك بن حرب، عن موسى بن طلحة التيمي المدني، عن أبيه طلحة بن عبيد الله التيمي المدني أحد العشرة المبشرة بالجنة.

وأخرجه ابن ماجه (١): عن علي بن محمَّد، عن عبيد الله بن موسى، عن إسرائيل، عن [سماك أنه سمع] (٢) موسى بن طلحة، عن أبيه، قال: "مررت مع رسول الله -عليه السلام- في نخل، فرأى قومًا يلقحون النخل، فقال: ما يصنع هؤلاء؟ قال: يأخذون من الذكر فيجعلونه في الأنثى، قال: ما أظن ذلك يغني شيئًا، فبلغهم فتركوه، فنزلوا عنها، فبلغ النبي -عليه السلام- فقال: إنما هو الظن، إن كان يغني شيئًا فاصنعوه، فإنما أنا بشر مثلكم، وإن الظن يخطئ ويصيب، ولكن ما قلت لكم: قال الله، فلن أكذب على الله".

قالوا: فتبين من ذلك أن الرأي منه كالرأي من غيره في احتمال الغلط، ولكنه -عليه السلام- لا يقر إلا على الصواب، فإذا أقر على ذلك كان وحيًا في المعنى وهو شبه الوحي في الابتداء، ولكن الشرط أن ينقطع طمعه عن الوحي، وهو نظير ما يشترط في حق الأمة للعمل بالرأي العرفي على الكتاب والسنة، فإذا لم يوجد في ذلك فحينئذ يصار إلى اجتهاد الرأي.


(١) "سنن ابن ماجه" (٢/ ٨٢٥ رقم ٢٤٧٠).
(٢) ليست في "الأصل، ك"، والمثبت من "سنن ابن ماجه".

<<  <  ج: ص:  >  >>