الأنصار يبكين حمزة، فاستيقظ رسول الله -عليه السلام- فقال: ويحهن، ما انقلبن بعد مرورهن، فلينقلبن، ولا يبكين علي هالك بعد اليوم".
حدثنا علي بن معبد، قال: ثنا إسماعيل بن عمر، قال: ثنا سفيان، عن عاصم بن عبيد الله، عن القاسم، عن عائشة - رضي الله عنها -، قالت: "رأيت رسول الله -عليه السلام- يقبِّل عثمان بن مظعون بعد موته، ودموعه تسيل علي لحيته".
ففي هذه الآثار التي ذكرنا إباحة البكاء على الموتى، وذلك علي أن ذلك غير ضار لهم ولا سبب لعذابهم، ولولا ذلك لما بكي رسول الله -عليه السلام- ولا أباح البكاء، ولمنع من ذلك.
ش: أي خالف القوم المذكورين جماعة آخرون، وأراد بهم: عطاء بن أبي رباح وابن أبي ليلي والحسن البصري والثوري والنخعي وأبا حنيفة ومالكًا والشافعي وأحمد وأصحابهم؛ فإنهم قالوا: لا بأس بالبكاء على الميت إذا كان بلا صوت ولا قول فاحش، وروي ذلك عن أسامة بن زيد وعبد الرحمن بن عوف وأنس بن مالك وأبي هريرة وابن مسعود وثابت بن زيد وقرظة بن كعب وأم المؤمنين عائشة - رضي الله عنهم -.
وإليه ذهب ابن حزم، وقال في "المحلي": والصبر واجب، والبكاء مباح ما لم يكن نَوح؛ فإن النوح حرام والصياح وخمش الوجوه وضربها وضرب الصدور ونتف الشعر وحلقه للميت، كل ذلك حرام، وكذلك الكلام المكروه الذي هو تسخط لأقدار الله تعالى، وشق الثياب.
قوله: "واحتجوا في ذلك". أي احتج هؤلاء الآخرون فيما ذهبوا إليه بحديث عبد الله بن عمر وأبي هريرة وعائشة - رضي الله عنهم -.
أما حديث عبد الله بن عمر فأخرجه من وجهين صحيحين:
الأول: عن يونس بن عبد الأعلي، عن عبد الله بن وهب. . . . إلى آخره.
وأخرجه مسلم (١): عن يونس بن عبد الأعلي وعمرو بن سواد العامري، كلاهما عن عبد الله بن وهب. . . . إلى آخره.