للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

آخر. ويمكن أن يكون هو الشافعي لأنه روى عنه، وقال مصعب الزبيري: الواقدي ثقة مأمون. وقال أبو عُبَيد: الواقدي ثقة.

ورواية الطحاوي عن الثلجي عن الواقدي دليل على أنهما مرضيان عنده، ولا يلزمه تضعيف غيره إياهما على ما عرف.

ص: وكان من الحجة في ذلك أيضًا أنهم قد أجمعوا إن النجاسة إذا وقعت في البئر فغلبت على طعم مائها إو ريحه أو لونه أن ماءها قد فسد، وليس في حديث بئر بضاعة من هذا شيء إنما فيه: "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سُئِل عن بئر بضاعة فقيل: إنَّه يلقى فيها الكلاب والمحائض. فقال: إنَّ الماء لا ينجسه شيء" ونحن نعلم أن بئرا لو سقط فيها ما هو أقل من ذلك لكان محالا ألَّا يتغير ريح مائها أو طعمه، هذا مما يعقل ويعلم، فلما كان ذلك كذلك وقد أباح لهم النبي - عليه السلام - ماءها وأجمعوا أن ذلك لم يكن وقد داخل الماء التغير من جهة من الجهات اللاتي ذكرنا؛ استحال عندنا -والله أعلم- أن يكون سؤالهم النبي - عليه السلام - عن مائها وجوابه إياهم في ذلك بما أجابهم كان والنجاسة في البئر، ولكنه كان -والله أعلم- بعد إن أخرجت النجاسة من البئر فسألوا النبي - عليه السلام - عن ذلك هل يطهر بإخراج النجاسة منها فلا ينجس ماؤها الذي يطرأ عليها بعد ذلك؟ وذلك موضع مشكل؛ لأن حيطان البئر لم تغسل وطينها لم يُخْرَجْ؟ فقال لهم النبي - عليه السلام -: "إنَّ الماء لا ينجس" يريد بذلك الماء الذي يطرأ عليها بعد إخراج النجاسة منها؛ لا أن الماء لا ينجس إذا خالطته النجاسة، وقد رأينا أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: "المؤمن لا ينجس".

ش: هذا إشارة إلي جواب آخر عن مقالة الخصم وهو ظاهر.

قوله: "أنهم" في محل الرفع على أنه اسم "كان" والتقدير: وكان من الحجة في ذلك اجتماعهم -أعني إجماع كل من الخصم والأصحاب- على أن النجاسة ... إلى آخره.

فإن قلت: كيف قال: قد أجمعوا، والظاهرية ليسوا بقائلين بهذا الحكم فإن عندهم الماء لا ينجسه شيء أصلًا على ما حكينا عن ابن حزم أن مذهبهم هو مذهب

<<  <  ج: ص:  >  >>