للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[١/ ق ٩ - ب] جماعة من الصحابة والتابعين، وقد سردنا أسماءهم، ثم قال في آخره: فإن كان التقليد؛ فتقليد من ذكرنا من الصحابة والتابعين أولى من تقليد أبي حنيفة ومالك والشافعي. ثم استدل على مذهبه بحديثين: أحدهما ما رواه سهل بن سعد الساعدي قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "الماء لا ينجسه شيء" والآخر ما رواه حذيفة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "فضلنا على الناس بثلاث" فذكر - عليه السلام - منها "وجعلت لنا الأرض مسجدا وجعلت تربتها لنا طهورا إذا لم نجد الماء" (١) يعم - عليه السلام - كل ماء ولم يخص ماء من ماء.

قلت: المراد من الخصم في هذا الفصل مالك ومن تبعه فإنهم قائلون بأن البئر إذا وقعت فيه نجاسة فغيرت أحد أوصاف الماء فيها فإنه ينجس، ولا اعتبار لمخالفة الظاهرية؛ لأن كلامهم ساقط؛ ألَّا ترى إلى قول ابن حزم: فعمّ - عليه السلام - كل ماء ولم يخصّ ماء من ماء. كيف هو في غاية السقوط والتفاهة؛ لأن قوله: - عليه السلام -: "إذا لم نجد الماء" أي الماء الطاهر المطهر، بدليل قوله - عليه السلام -: "لا ينجس الماء شيء إلَّا ما غيّر ريحه أو طعمه" رواه الطبراني وابن ماجه وقد ذكرناه (٢)، قوله - عليه السلام - "لا يبل أحدكم في الماء الراكد ثم يتوضأ منه" رواه ابن أبي شيبة في "مصنفه" (٣)، ولو كان البول فيه لم ينجسه لم يكن للنهي فائدة.

قوله: "وليس في حديث بئر بضاعة من هذا شيء" يعني من الحكم المجمع عليه وهو فساد ماء البئر بوقوع النجاسة التي غلبت على أحد أوصاف الماء.

قوله: "ألَّا تتغير" في محل الرفع على أنه اسم كان، والتقدير: لكان عدم تغير ريح مائها محالا.


(١) أخرجه مسلم (١/ ٣٧١ رقم ٥٢٢).
(٢) تقدم.
(٣) "مصنف ابن أبي شيبة" (١/ ١٤١) من حديث أبي هريرة، والحديث متفق عليه من حديث أبي هريرة أيضًا، بلفظ: "لا يبولن أحدكم في الماء الدائم الذي لا يجري ثم يغتسل منه" أخرجه البخاري (١/ ٩٤ رقم ٢٣٦)، ومسلم (١/ ٢٣٥ رقم ٢٨٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>