للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: "ولطت بالذنب"، أراد أنها سارت في الأرض مسرعة وملازمة بذنبها وهو كناية عن توليها وجَعْلِها ورائها إليه، يقال: لط بالأمر يلط لطًّا إذا لزمه، وهو بالطاء المهملة، وكذلك ألظ بالشيء يلظ إلظاظًا، وهو بالظاء المعجمة، وقال ابن الأثير: أراد توارت واختفت بتخفيها عنه، كما تخفي الناقة فرجَها بذَنَبِها.

قوله: "وقذفتني" أي: رمتني. "بين عصر ونشب"، أراد بالعصر الشدة، والنشب -بفتح النون والشين المعجمة- من نَشِب بعضهم ببعض أي تعلق، وسبب هذه الأبيات أن الأعشي كانت عنده امرأة اسمها معاذة، فخرج يمير أهله من هَجَر، ففرت امرأته بعده ناشزًا عليه، فعاذت برجل يقال له: مطرف بن هصل، فلما قدم الأعشي لم يجدها في بيته، وأُخْبِر أنها نشزت عليه، وأنها عاذت بمطرف، فأتاه فقال له: عندك امرأتي فادفعها إليّ، قال: ليست عندي ولو كانت عندي لم أدفعها إليك، وكان مطرف أَعزَّ منه، فسَار إلى النبي -عليه السلام- فعاذبه وقال الأبيات، وشكى إليه امرأته وما صنعت، وأنها عند مطرف، فكتب النبي -عليه السلام- إلى مطرف: انظر امرأة هذا معاذة، فادفعها إليه، فأتاه كتاب النبي -عليه السلام-، فقُرِئَ عليه، فقال: يا معاذة هذا كتاب النبي فيك، وأنا دافعك إليه، قالت: خذ لي العهد والميثاق وذمة النبي -عليه السلام- أن لا يعاقبني فيما صنعت، فأخذ لها ذلك ودفعها إليه، فأنشأ يقول:

لعمركَ ما حبي معاذة بالذي ... يغيره الواشي ولا قِدم العهد

ولا سوء ما جاءت به إذْ أزلَّهاَ ... غواة الرجال إذا ينادونها بعدي

ص: حدثنا الحسن بن عبد الله بن منصور، قال: ثنا الهيثم بن جميل، قال: ثنا شريك، عن سماك، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: قال رسول الله -عليه السلام-: "إن من الشعر حكمًا".

ش: إسناده صحيح ورجاله ثقات.

<<  <  ج: ص:  >  >>