قوله:"من جِذم غسان" جِذم الشيء بالكسر أصله، وغسان اسم قبيلة، قال الجوهري: غسان: اسم ماء نزل عليه قوم من الأزد فنسبوا إليه، منهم بنو حنيفة رهط الملوك.
قوله:"باهر" صفة للجذم، أي ظاهر، يقال: بهرت الشمس الأرض: أتي عليها نورها وضوءها، وفي بعض الرواية:"قاهر" من القهر وهو من الغلبة، والأول أصح.
ص: فلما جاءت هذه الآثار متواترة بإباحة قول الشعر ثبت بأن ما نهي عنه في الآثار الأُوَل ليس لأن الشعر مكروه، ولكن لمعنى كان في خاصٍّ من الشعر قصد بذلك النهي إليه.
ش: أراد بهذه الآثار: الأحاديث التي ذكرها، وأراد بالتواتر التكاثر لا التواتر المصطلح عليه، وأراد بالآثار الأُوَل: الأحاديث التي ذكرها في أول الباب التي احتجت بها أهل المقالة الأولى.
قوله:"قصُدِ بذلك" أي بالمعنى الذي كان في خاصٍّ من الشعر، وقوله:"النهيُ" بالرفع مسندٌ إلى قوله: قُصِدَ.
قوله:"إليه" أي إلى المعنى المذكور.
ص: وقد ذهب قوم في تأويل هذه الآثار التي ذكرناها عن رسول الله -عليه السلام- في أول هذا الباب إلي خلاف التأويل الذي وصفنا، فقالوا: لو كان أريد بذلك ما هُجِي به رسول الله -عليه السلام- من الشعر لم يكن لذكر الامتلاء معني؛ لأن قليل ذلك وكثيره كفر، ولكن ذكر الامتلاء يدل علي معنى في الامتلاء ليس فيما دونه، قالوا: فهو عندنا على الشعر الذي يملأ الجوف فلا يكون فيه قرآن ولا تسبيح ولا غيره، فأما من كان في جوفه القرآن والشعر مع ذلك فليس ممن امتلأ جوفه شعرًا؛ فهو خارج من قول رسول الله -عليه السلام-: "لأن يمتلئ جوف أحدكم قيحًا؛ خيرًا من أن يمتلئ شعرًا".
حدثنا ابن أبي عمران، قال: سمعت عبيد الله بن محمد بن عائشة يفسر هذا الحديث علي هذا التفسير.