للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لأجل العدوي، ولكن لأن الصحاح ربما عرض لها مرض فوقع في نفس صاحبها أن ذلك من قبيل العدوى فتفتنه وتشككه، فأمر باجتنابه والبعد عنه، وقد يحتمل أن يكون ذلك من قبيل الماء والمرعى تستوبله الماشية فتمرض، فإذا شاركها في ذلك غيرها أصابه مثل ذلك الداء، فكانوا لجهلهم يسمونه عدوى، وإنما هو فعل الله تعالى بتأثير الطبيعة علي سبيل التوسط في ذلك. والله أعلم.

ص: وقد روي عن رسول الله -عليه السلام- في نفي الإعداء: ما حدثنا محمَّد بن خزيمة، قال: ثنا مسدد، قال: ثنا يحيى، عن هشام، عن يحيى بن أبي كثير، عن الحضرمي، أن سعيد بن المسيب قال: "سألت سعدًا عن الطيرة، فانتهرني، وقال: من حدثك؟ فكرهت أن أحدثه، فقال: سمعت رسول الله -عليه السلام- يقول: لا عدوى ولا طيرة".

حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا حبان، قال: ثنا أبان، قال: ثنا يحيى. . . . فذكر بإسناده مثله، وزاد: "ولا هامة".

ش: ذكر هذا الحديث وما بعده من الأحاديث شاهدةً لصحة ما ذهب إليه من خالف أهل المقالة الأولى في قولهم: لا يورد الممرض على المصح، وينبغي الفرار والاجتناب عن ذي داء وعاهة.

وأخرج هذا الحديث من طريقين صحيحين، وقد ذكرهما بعينهما عن قريب.

وأخرج البزار في "مسنده" (١) نحو الأول قال: ثنا محمَّد بن المثني، عن عبيد الله ابن موسى، عن يحيى بن أبي كثير، عن الحضرمي. . . . إلى آخره نحوه.

وأبو داود (٢) نحو الثاني: ثنا موسي بن إسماعيل، قال: ثنا أبان، قال: ثنا يحيى، أن الحضرمي بن لاحق حدثه، عن سعيد بن المسيب، عن سعد بن مالك أن رسول الله -عليه السلام- كان يقول: "لا هامة ولا عدوى ولا طيرة، وإن تكن الطيرة في شيء ففي الفرس والمرأة والدار".


(١) "مسند البزار" (٣/ ٢٩٠ رقم ١٠٨٢).
(٢) "سنن أبي داود" (٤/ ١٩ رقم ٣٩٢١).

<<  <  ج: ص:  >  >>