مالك والسائب بن يزيد وأبو أمامة الباهلي وأبو ذر الغفاري - رضي الله عنهم - فإن النبي -عليه السلام- نفى الإعداء في أحاديث هؤلاء حيث قال:"فمن أعدى الأول؟ " وبيَّن معنى هذا الكلام بقوله: أي لو كان إنما أصاب الثاني. . . . إلى آخره.
قوله:"لما أعداه الأول" أي لأجل إعداء الأول الثاني، وكلمة "ما" مصدرية.
قوله:"إذًا" أي حينئذ.
قوله:"لما أصاب الأول شىء". "اللام" مفتوحة و"ما" نافية.
قوله:"ولكن لمَّا كان". "لما" هذه بمعنى "حين".
ص: فإن قال قائل: أفنجعل هذا مضادًا لما روي عن النبي -عليه السلام-: "لا يُورَد مُمْرِض علي مُصِح" كما جعله أبو هريرة.
قلت: لا, ولكن نجعل قوله:"لا عدوى" كما قال النبي -عليه السلام- على نفي العدوى أن تكون أبدًا، ونجعل قوله:"لا يورد ممرض علي مصح" على الخوف منه أن يورده عليه فيصيبه بقدر الله -عز وجل- ما أصاب الأول، فيقول الناس: أعداه الأول، فكره إيراد المصح إلى الممرض خوف هذا القول.
ش: تقرير السؤال أن يقال: الأحاديث المذكورة عن الصحابة المذكورين تدل علي نفي الإعداء، وحديث أبي هريرة الذي رواه عن النبي -عليه السلام-: "لا يورد ممرض علي مصح" الذي احتجت به أهل المقالة الأولى يدل علي وجود الإعداء، وبينهما تعارض وتضاد.
وتقرير الجواب أن يقال: إنما كان يكون بينهما تعارض إذ ورد معناهما علي محل واحد، وأما إذا كان معنى كل واحدٍ واردًا علي محل واحدٍ؛ لا يتحقق التعارض ولا التضاد، وهاهنا كذلك، وقد بينه بقوله:"ولكن نجعل".
قوله:"لا عدوى. . . ." إلي آخره وهو ظاهر، والهمزة في قوله:"أفنجعل" للاستفهام.