للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ص: وقد روينا عن رسول الله -عليه السلام- في هذه الآثار أيضًا وضعه يد المجذوم في القَصْعة، فدلّ فعل رسول الله -عليه السلام- هذا أيضًا علي نفي الإعداء؛ لأنه لو كان الإعداء مما يجوز أن يكون؛ إذًا لما فعل النبي -عليه السلام- ما يخاف ذلك منه؛ لأن في ذلك جَرُّ التلف إليه، وقد نهى الله -عز وجل- عن ذلك فقال: {وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ} وقد مَرَّ رسول الله -عليه السلام- بهدف مائل فأسرع"، فإذا كان يسرع من الهدف المائل مخافة الموت؛ فكيف يجوز عليه أن يفعل ما يخاف منه الإعداء؟!.

ش: ذكر هذا تأييدًا لما قاله من نفي التضاد بين الأحاديث المذكورة، في دلالة وضع النبي -عليه السلام- يد المجزوم في القصعة علي نفي الإعداء، ظاهره قطعًا، إذ لو كان الإعداء مما له وقوع لما فعل النبي -عليه السلام- ما يخاف الإعداء منه؛ لأن فيه جلب التلف إلى النفس، وقد نهي الله -عز وجل- عن ذلك بقوله: {وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ} (١) ولما مَرَّ النبي -عليه السلام- بهدف مائل أسرع خوفًا من الوقوع، فإذا كان قد أسرع في ذلك مخافة الموت؛ فكيف يجوز عليه فعل ما يخاف منه الإعداء الذي يؤدي إلى التلف؟!.

و"الهدف" بفتحتين كل بناء مرتفع مشرف.

وقد أخرج الطحاوي هذا معلقًا هاهنا.

وأخرج ابن أبي شيبة في "مصنفه" (٢): ثنا إسماعيل بن علية، عن حجاج الصواف قال: حدثني يحيى بن أبي كثير، قال: بلغني أن رسول الله -عليه السلام- كان يقول: "إذا مَرَّ أحدكم بهدف مائل، أو صدف مائل فليسرع المشي، وليسأل الله المعافاة".

ص: وقد ذكرت فيما تقدم من هذا الباب أيضًا معنى ما روي عن رسول الله -عليه السلام- في الطاعون في نهيه عن الهبوط عليه، وفي نهيه عن الخروج منه، وأن نهيه عن الهبوط عليه خوفا أن يكون قد سبق في علم الله -عز وجل- أنهم إذا هبطوا عليه أصابهم، فيهبطون فيصيبهم، فيقولون: أصابنا لأنا هبطنا عليه، ولولا أنا هبطنا عليه لما أصابنا.


(١) سورة النساء، آية: [٢٩].
(٢) "مصنف ابن أبي شيبة" (٥/ ٣٣٥ رقم ٢٦٦٤١).

<<  <  ج: ص:  >  >>