للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ص: وقد روي عن عائشة - رضي الله عنها - أن ما تكلم به رسول الله -عليه السلام- في ذلك كان علي غير هذا اللفظ:

حدثنا علي بن معبد، قال: ثنا يزيد بن هارون، قال: أنا همام بن يحيى، عن قتادة، عن أبي حسان قال: "دخل رجلان من بني عامر علي عائشة، فأخبراها أن أبا هريرة - رضي الله عنه - يحدث عن النبي -عليه السلام- أنه قال في الطيرة: في المرآة والدار والفرس، فغضبت وطارت شقة منها في السماء وشقة في الأرض، فقالت: والذي نزَّل القرآن علي محمَّد - صلى الله عليه وسلم - ما قالها رسول الله -عليه السلام- قط، إنما قال: إن أهل الجاهلية كانوا يتطيرون من ذلك".

فأخبرت عائشة - رضي الله عنها - أن ذلك القول كان من النبي -عليه السلام- حكاية عن أهل الجاهلية لا أنه عنده كذلك.

ش: هذا في الحقيقة جواب آخر عن أحاديث الشؤم؛ حاصله: أن عائشة - رضي الله عنها - بينت أن قوله -عليه السلام-: "الشؤم في ثلاث. . . ." الحديث ليس معناه عنده أن الأمر كذلك، وإنما هذا حكاية حكاها -عليه السلام- عن أهل الجاهلية أنهم كانوا يعتقدون ذلك في هذه الأشياء الثلاثة؛ ولهذا أنكرت رواية أبي هريرة حين أخبر الرجلان بذلك، وحلفت أن رسول الله -عليه السلام- ما قالها قط.

أخرج الطحاوي ذلك عنها بإسناد صحيح إلي أبي حسان الأعرج، ويقال: الأجرد، واسمه: مسلم بن عبد الله البصري، وثقه يحيى وابن حبان، وروي له الجماعة؛ البخاري مستشهدًا.

وأخرجه ابن عبد البر عن أبي حسان المذكور (١): "أن رجلين دخلا علي عائشة وقالا: إن أبا هريرة يحدث أن النبي -عليه السلام- قال: إنما الطيرة في الفرس والمرأة والدار، فطارت شقة منها في السماء وشقة في الأرض، ثم قالت: كذب والذي أنزل الفرقان علي مَن حدَّث عنه بهذا , ولكن رسول الله -عليه السلام- كان يقول: كان أهل الجاهلية


(١) "التمهيد" (٩/ ٢٨٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>