للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يقولون: الطيرة في المرأة والدار والدابة، ثم قرأت عائشة - رضي الله عنها - {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ. . . .} (١) الآية".

قوله: "وطارت شقة" أي قطعة، ورواه بعض المتأخرين بالسين المهملة، وأورد به المبالغة في الغضب والغيظ، يقال: قد أشق فلان من الغضب والغيظ كأنه امتلأ باطنه به حتى انشق، ومنه قوله تعالى: {تَكَادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ} (٢)، وقال أبو عمر (٣): قول عائشة في أبي هريرة: "كذب" فإن العرب تقول: كذبت إذا أرادوا به التغليط، ومعناه: أوهم لم يظنَّ حقا ونحو هذا، وذلك معروف في كلامهم موجود في أشعارهم كثيرًا، قال أبو طالب:

كذبتم وبيت الله نترك مكة ... ونظعن إلا أمركم في بلابل

كذبتم وبيت الله نُبْزي محمدًا ... ولما نطاعن دونه ونناضل

فهذا من باب الغلط وظنّ ما ليس بصحيح، وذلك أن قريشًا أرادوا أن يُخْرجوا بني هاشم من مكة إن لم يتركوا جوار محمَّد -عليه السلام-، فقال لهم أبو طالب: كذبتم فيما ظنتتم.

قوله: "نظعن" بالظاء المعجمة أي نرحل.

و"البلابل" جمع بلبلة وهي الوسواس.

قوله: "نُبْزِي" بالزاي المعجمة (٤).

و"المطاعنة" بالرماح، والمناضلة بالنبال.


(١) سورة الحديد، آية: [٢٢].
(٢) سورة الملك، آية: [٨].
(٣) "التمهيد" (٩/ ٢٨٩).
(٤) بيض له المؤلف -رحمه الله-، وذكر ابن الأثير في "النهاية" (١/ ١٢٥): هذا البيت ووقع فيه: "يُبْزي محمدٌ"، على البناء للمجهول، وقال: يبزي: أي يقهر ويغلب، ألا دلا يُبْزي، فحذف "لا" من جواب القسم، وهي مرادة، أي لا يُقهر ولم نقاتل عنه وندافع.

<<  <  ج: ص:  >  >>