ش: أي: وروي عن النبي -عليه السلام- أنه قال:"لا تفضلوني علي موسي"، أشار بهذا إلى أنه -عليه السلام- قد نهى أمته عن التفضيل بين الأنبياء -عليهم السلام- مطلقًا، ونهى أيضًا عن تفضيلهم إياه علي موسي -عليه السلام- خصوصًا، وجاء كلاهما في حديث أبي هريرة.
فالأول: رواه الأعراج، عنه، عن النبي -عليه السلام-.
والثاني: رواه سعيد بن المسيب، عنه، عن النبي -عليه السلام-.
وكلا الإسنادين صحيح.
وأخرجه مسلم (١) أيضًا: عن الدارمي، عن أبي اليمان، عن شعيب، عن الزهري، عن أبي سلمة وسعيد بن المسيب، عن أبي هريرة.
وعن محمَّد بن حاتم، عن يزيد بن هارون، عن عبد العزيز بن أبي سلمة، وعن زهير بن حرب وأبي بكر بن النضر، عن يعقوب بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن شهاب، عن أبي سلمة والأعرج، عن أبي هريرة قال:"استبَّ رجلان: رجل من اليهود ورجل من المسلمين، فقال المسلم: والذي اصطفى محمدًا على العالمين. قال اليهودي: والذي اصطفى موسي على العالمين. قال: فرفع المسلم يده عند ذلك فلطم وجه اليهودي، فذهب اليهودي إلى رسول الله، فأخبره بما كان من أمره وأمر المسلم، فقال رسول الله -عليه السلام-: لا تخيروني علي موسى؛ فإن الناس يصعقون، فأكون أول من يُفيق، فإذا موسى باطش بجانب العرش، فلا أدري أكان فيمن صعق فأفاق قبلي، أم كان ممن استثنى الله؟ ".
قوله:"فإن الناس يصعقون يوم القيامة" الصعق: أن يغشى على الإنسان من صوت شديد يسمعه، وربما مات منه، ثم استعمل في الموت كثيرًا, وليس المراد به هاهنا إلا المعنى الأول؛ وذلك لأن الناس لا يموتون يوم القيامة، وإنما يصعقون، أي يغشى عليهم من شدة الأهوال حتي يصيرون كالموتى، ثم يُفيقون، للحساب، فيكون أول من يُفيق منهم رسول الله -عليه السلام-، فيرى موسي -عليه السلام- باطشًا بجانب العرش أي متعلقًا به بقوة.