للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القول علي سبيل الهضم من نفسه وإظهار التواضع لربه -عز وجل- حتى قال في رواية أخرى: "لا ينبغي لي أن أقول: أنا خير منه"؛ لأن الفضيلة التي بيننا كرامة من الله سبحانه وخصوصية منه لم أنلها من قبل نفسي، ولا بلغتها بحولي وقوتي؛ فليس لي أن أفتخر بها، وإنما يجب علينا من شأنه و [ما] (١) كان من قلة صبره علي أذى قومه فخرج مغاضبًا ولم يصبر كما صبر أولوا العزم من الرسل، وبهذا حصل التوفيق أيضًا بين قوله -عليه السلام-: "أنا سيد ولد آدم"، قوله: "لا ينبغي لعبد أن يقول: أنا خير من يونس بن متى".

والجواب القاطع الفاصل في هذا الباب: أن الأنبياء كلهم سواء في حق النبوة والرسالة، ولا نفضل بعضهم علي بعض في هذا المعنى، وإنما التفاضل في زيادات الأحوال والكرامات، ونفي النبي -عليه السلام- تفضيل نفسه علي موسي أو علي غيره، وتفضيل الأنبياء علي يونس ونحو ذلك كله يرجع إلى تفضيل في حق النبوة، وقد يقال: إن هذا كله يحتمل أن يكون قبل أن يوحى إليه بأنه خير الأنبياء وأفضلهم. والله أعلم.

ص: وقد روي عن رسول الله -عليه السلام- أيضًا أنه قال: لا ينبغي لأحد أن يقول: أنا خير من يونس بن متى".

حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا وهب بن جرير، قال: ثنا شعبة، عن قتادة، عن أبي العالية، عن ابن عباس، عن النبي -عليه السلام- قال: "لا ينبغي لأحد أن يقول: أنا خير من يونس بن متى".

حدثنا سليمان بن شعيب، قال: ثنا عبد الرحمن بن زياد، قال: ثنا شعبة، عن سعد بن إبراهيم، قال: سمعت حميد بن عبد الرحمن يحدث عن أبي هريرة، عن النبي -عليه السلام- قال: "قال الله -عز وجل-: ما ينبغي لعبد أن يقول: أنا خير من يونس بن متى".


(١) في "الأصل، ك": "من".

<<  <  ج: ص:  >  >>