للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ص: وخالفهم في ذلك آخرون، فقالوا: ما خيف عضاضه من البهائم، أو ما أريد شحمه منها فلا بأس بإخصائه.

ش: أي خالف القوم المذكورين جماعة آخرون، وأراد بهم: محمَّد بن سيرين وأيوب السختياني، وعروة بن الزبير وعطاء بن أبي رباح -في الأصح عنه- والثوري والنخعي وأبا حنيفة، ومالكًا والشافعي وأحمد وأصحابهم إلا ما روي عن مالك من كراهة الخصاء في الخيل فقط.

قوله: "عضاضه". العضاض -بكسر العين- مصدر كالمعاضضة يقال: عضه وعَضَّ به وعضَّ عليه، وهما يتَعَاضَّان إذا عض كل واحد منهما صاحبه، وكذلك المعاضة والعضاض.

ص: وقالوا: هذا الحديث الذي احتج به علينا مخالفنا إنما هو عن ابن عمر موقوف وليس عن النبي -عليه السلام-.

فذكروا ما حدثنا محمَّد بن خزيمة، قال: أنا يحيى بن عبد الله بن بكير، قال: ثنا مالك بن أنس، عن نافع، عن ابن عمر مثله. ولم يذكر عن النبي -عليه السلام-.

فأما ما ذكروا من قول الله -عز وجل-: {فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ} (١) فقد قيل: تأويله ما ذهبوا إليه، وقيل: إنه دين الله -عز وجل-، وقد رأينا رسول الله -عليه السلام- ضحى بكبشين موجوءَين وهما المرضوض خصاهما، والمفعول به ذلك فقد انقطع أن يكون له نسل، فلو كان إخصاؤهما مكروهًا لما ضحى بهما رسول الله -عليه السلام- لينتهي الناس عن ذلك فلا يفعلوه؛ لأنهم متى علموا أن ما أخصي يجتنب ويتجافى؛ أحجموا عن ذلك فلم يفعلوه، ألا ترى أن عمر بن عبد العزيز - رضي الله عنه - فيما روينا عنه في باب: ركوب البغال: "أنه أتي بعبد خصي ليشتريه فقال: ما كنت لأعين على الإخصاء" فجعل ابتياعه إياه عونًا علي إخصائه؛ لأنه لولا من يبتاعه لأنه خصي لم يَخْصِهِ من أخصاه، فكذلك إخصاء الغنم لو كان مكروهًا لما ضحى رسول الله -عليه السلام- بما قد أخصي منها،


(١) سورة النساء، آية: [١١٩].

<<  <  ج: ص:  >  >>