ص: وقد روي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في إباحة الرقي كلها ما لم تكن شركًا: ما حدثنا محمد بن خزيمة، قال: ثنا عبد الله بن صالح قال: حدثني معاوية، عن عبد الرحمن بن جبير، عن أبيه، عن عوف بن مالك الأشجعي، قال:"كنا نَرقي في الجاهلية، فقلنا: يا رسول الله، كنا نَرقي في الجاهلية فما ترى في ذلك؟ قال: اعرضوا عليّ رقاكم، فلا بأس بالرقى ما لم تكن شرك".
فهذا يحتمل أيضًا ما احتمله ما روينا قبله، فاحتجنا أن نعلم: هل هذه الإباحة للرقى متأخرة لما روي في النهي عنها، أو ما روي في النهي عنها يكون متأخرًا فيكون ناسخًا لها، فنظرنا في ذلك، فإذا ربيع المؤذن قد حدثنا، قال: ثنا أسد، قال: ثنا ابن لهيعة، قال: ثنا أبو الزبير، عن جابر:"أن عمرو بن حزم دُعِي لامرأة بالمدينة لدغتها حية ليرقيها فأبى، فأخبر بذلك رسول الله -عليه السلام- فدعاه، فقال عمرو: يا رسول الله، إنك تزجر عن الرقي، فقال: اقرأها علي، فقرأها عليه، فقال رسول الله -عليه السلام-: لا بأس بها، إنما هي مواثيق فارق بها".
حدثنا ربيع المؤذن، قال: ثنا أسد، قال: ثنا وكيع، قال: عن الأعمش، عن أبي سفيان، عن جابر - رضي الله عنه - قال:"لما نهى رسول الله -عليه السلام- عن الرقي أتاه خالي، فقال: يا رسول الله، إنك نهيت عن الرقي وإني أرقي من العقرب، قال: من استطاع منكم أن ينفع أخاه فليفعل".
حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا يحيى بن حماد، قال: ثنا أبو عوانة، عن سليمان، عن أبي سفيان، عن جابر قال:"كان أهل بيت من الأنصار يرقون من الحية، فنهى رسول الله -عليه السلام- عن الرقى، فأتاه رجل فقال: يا رسول الله، إني كنت أرقي من العقرب وإنك نهيت عن الرقى، فقال رسول الله -عليه السلام- من استطاع منكم أن [ينفع](١) أخاه فليفعل. قال: وأتاه رجل كان يرقي من الحية، فقال: اعرضها عليَّ، فعرضها عليه، فقال: لا بأس بها إنما، هي مواثيق".
(١) في "الأصل، ك": "يفعل"، وأظنه سبق قلم من المؤلف -رحمه الله-، والمثبت من "شرح معاني الآثار".