للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال الجصاص في هذه الآية: قال ابن مسعود ومجاهد والحسن وابن سيرين وسعيد بن المسيب: إن العبد لا ينظر إلى شعر مولاته، وهو مذهب أصحابنا إلا أن يكون ذا رحم محرم منها، وتأولوا قوله تعالى: {أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُم} (١) على الإماء؛ لأن العبد والحر في التحريم سواء، فهي وإن لم يجز لها أن تتزوجه وهو عبدها؛ فإن ذلك تحريم عارض، ثم قال: فإن قال قائل: هذا يؤدي إلى إبطال فائدة ذكر ملك اليمين في هذا الموضع.

قيل له: ليس كذلك؛ لأنه قد ذكر النساء في الآية بقوله: {أَوْ نِسَائِهِنَّ} (١)، وأراد بهن الحرائر المسلمات، فجاز أن يَظُن ظانٌّ أن الإماء لا يجوز لهن النظر إلى شعر مولاتهن وإلى غيره مما يجوز للمُحَرَّم النظر إليه منها، فأبان الله تعالى أن الأمة والحرة في ذلك سواء، وإنما خص نسائهن بذكر في هذا الموضع؛ لأن جميع من ذكر قبلهن هم الرجال، بقوله: {وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ} (١). . . . إلى آخر ما ذكر، فكان جائز أن يظن ظان أن الرجال مخصوصون بذلك إذا كانوا ذوي محارم، فأبان تعالى إباحة النظر إلى هذه المواضع من نسائهن سواء كُنَّ ذوات محارم أو غير ذوات محارم، ثم عطف على ذلك الإماء بقوله: {أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُم} (١) لئلا يظن ظان أن الإباحة مقصورة على الحرائر من النساء، إذ كان ظاهر قوله: {أَوْ نِسَائِهِنَّ} (١) يقتضي الحرائر دون الإماء، كما كان قوله تعالى: {وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ} (٢) على الحرائر دون المماليك، وقوله: {شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ} (٣) على الحرائر، ثم عطف عليهن الإماء، فأباح لهن مثل ما أباح في الحرائر. انتهى.

قوله: "وليسوا بذوي أرحام" الواو فيه للحال.

قوله: "وقد بين هذا المعنى" أراد به المعنى الذي ذكره بقوله: "وفي إباحة ذلك للمملوكين. . . ." إلى آخره.


(١) سورة النور، آية: [٣١].
(٢) سورة النور، آية: [٣١].
(٣) سورة البقرة، آية: [٢٨٢].

<<  <  ج: ص:  >  >>