للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والأصح أنه لا تكره القراءة فيها ولا الصلاة، وعن الشافعي: إذا كانت المقبرة مختلطة التراب بلحوم الموتى، وصديدهم، وما يخرج منهم لم تجز الصلاة فيها؛ للنجاسة، فإن صلى رجل في مكان طاهر منها أجزأته صلاته، وكذلك الحمام إذا صل في موضع نظيف منه فلا إعادة عليه، وهذا أيضًا قول أصحابنا، ورخص عبد الله بن عمر في الصلاة في المقبرة، وحكي عن الحسن البصري أنه صلى في المقابر، وعن مالك: لا بأس بالصلاة في المقبرة، وقال أبو ثور: لا يُصلى في حمام ولا مقبرة لظاهر الحديث، وكان أحمد وإسحاق يكرهان ذلك.

ص: واحتجوا في ذلك بما حدثنا ابن مرزوق، قال: نا وهب بن جرير، عن شعبة، عن عمرو بن مرة، عن عبد الله بن سلمة، قال: "دخلت على علي - رضي الله عنه - أنا ورجل منا ورجل من بني أسد، فبعثهما في وجه، ثم قال: إنكما علجان فعالجا عن دينكما. قال: ثم دخل المخرج، ثم خرج فأخذ حفنة من ماء فتمسح بها، وجعل يقرأ القرآن، فرآنا كأنَّا أنكرنا ذلك، فقال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يخرج من الخلاء فيقرئنا القران، ويأكل معنا اللحم، ولم يكن يحجره عن ذلك شئ، ليس الجنابة".

ش: أي احتج الآخرون الذين خالفوا أهل المقالتين في ذلك، أي في قولهم: لا بأس أن يذكر الله في كل الأحوال كلها من الجنابة وغيرها، ويقرأ القرآن في ذلك إلَّا في الجنابة والحيض.

قوله: "بما حدثنا" يتعلق بقوله احتجوا، وإسناد الحديث صحيح.

وعبد الله بن سَلِمَة -بكسر اللام- المرادي الكوفي، قال العجلي: تابعي ثقة. روى له الأربعة.

وأخرجه أبو داود (١): نا حفص بن عمر، قال شعبة .. إلى آخره نحوه. والترمذي مختصرا (٢): نا أبو سعيد الأشج، نا حفص بن غياث وعقبة بن خالد


(١) "سنن أبي داود" (١/ ٥٩ رقم ٢٢٩).
(٢) "جامع الترمذي" (١/ ٢٧٤ رقم ١٤٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>