قوله:"ولا ننعمك عينًا" بضم النون الأولى وسكون الثانية، والمعنى: لا تقر به عين، وهو نصب على التمييز، ومنه: أنعم الله بك عينًا، والمعنى: نعمك الله عينًا، أي: نعّم عينيك وأقرها، والألف زائدة وقد يحذ فوقها ويقولون: نعّمك الله عينًا.
ص: فإن قال قائلٌ: ففي هذا الحديث ما يدل على كراهة التسمّي بالقاسم.
قيل له: قد يجوز أن يكون ذلك مكروهًا كما ذكرت لقول رسول الله -عليه السلام-: "إنما أنا قاسم أقسم بينكم".
وقد يجوز أن يكون كره ذلك لأنهم كانوا يكنون الآباء بأسماء الأبناء، وقد كان أكثرهم لا يكتني حتى يولد له فيكتني باسم ابنه.
ش: أراد بهذا الحديث حديث جابر المذكور آنفًا.
والسؤال ظاهر، والجواب عنه من وجهين:
أحدهما: أن الكراهة تجوز أن تكون لقوله -عليه السلام-: "إنما أنا قاسم أقسم بينكم" فاختص باسم القاسم لذلك فكره أن يسمي غيره به.
والآخر: أن تكون الكراهة بسبب أنه تكون التسمية به ذريعة أن يكنى الآباء به، وقد نهى عن التكنية به كما مر فافهم.
ص: والدليل على ذلك ما حدثنا يونس، قال: ثنا علي بن معبد، قال: ثنا عبيد الله ابن عمرو، عن عبد الله بن محمَّد بن عقيل، عن حمزة بن صهيب، عن أبيه صهيب - رضي الله عنه - قال: قال لي عمر - رضي الله عنه -: "نعم الرجل أنت يا صهيب لولا خصال فيك ثلاث، قلت: وما هي يا أمير المؤمنين؟ قال: تكنيت ولم يولد لك، وفيك سرف في الطعام، وانتميت إلى العرب ولست منهم.
قلت: أما قولك: تكنيت ولم يولد لك؛ فإن رسول الله -عليه السلام- كناني أبا يحيى، وأما قولك: انتميت إلى العرب ولست منهم؛ فإني رجل من بني النمر بن قاسط سَبَتْنَا الروم من الطائف بعدما عقلت أهلي ونسبي.
وأما قولك: فيك سرف في الطعام؛ فإن رسول الله -عليه السلام- قال: خياركم مَن أطعم الطعام".