أبي عبد الرحمن الجهني قال: قال رسول الله -عليه السلام-: "أنا راكب غدًا إلى يهود، فلا تبدئوهم، فإذا سلموا عليكم فقولوا: وعليكم".
حدثنا روح بن الفرج، قال: ثنا يوسف بن عدي قال: ثنا عبد الرحيم، عن محمَّد بن إسحاق. . . . فذكر بإسناده مثله، غير أنه قال:"فلا تبدءوهم بالسلام".
حدثنا فهد، قال: ثنا علي بن معبد، قال: ثنا عبيد الله بن عمرو، عن محمَّد بن إسحاق، عن يزيد بن أبي حبيب، عن يزيد بن عبد الله اليزني، عن أبي بصرة الغفاري، عن رسول الله -عليه السلام- مثله، غير أنه لم يقل:"بالسلام".
حدثنا يونس، قال: أنا ابن وهب، قال: أخبرني ابن لهيعة، عن يزيد بن أبي حبيب، عن أبي الخير، أنه سمع أبا بصرة الغفاري يقول: إنه سمع رسول الله -عليه السلام- يقول:"إني راكب إلى يهود؛ فإذا أتيتموهم فسلموا عليكم فقولوا: وعليكم".
حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عبد الحميد بن جعفر، قال: أخبرني يزيد بن أبي حبيب. . . . فذكر بإسناده مثله.
ففي هذه الآثار النهي عن ابتداء اليهود والنصارى بالسلام من قول رسول الله -عليه السلام-.
وفي الحديث الأول أن النبي -عليه السلام- سَلَّمَ عليهم من قول أسامة؛ فقد يجوز أن يكون النبي -عليه السلام- أراد بسلامِهِ مَن كان فيهم من المسلمين، ولم يُرِدْ اليهود والنصارى ولا عبدة الأوثان، حتى لا تتضاد هذه الآثار، وهذا الذي وصفنا جائز، فقد يجوز أن يسلم رجل على جماعة وهو يريد بعضهم، وقد يحتمل أن يكون النبي -عليه السلام- سلم عليهم وأراد جميعهم؛ لأن ذلك كان في وقت قد أمر فيه أن لا يجادلهم إلا بالتي هي أحسن، فكان السلام من ذلك، ثم أُمر بقتالهم ومنابذتهم، فنسخ ذلك ما كان تقدم من سلامه عليهم.
ش: أي احتج هؤلاء الآخرون فيما ذهبوا إليه بحديث أبي هريرة وأبي عبد الرحمن الجهني وأبي بصرة الغفاري.