للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتُستنبط منه أحكام:

الأول: جواز قراءة القرآن للمُحْدِث.

الثاني: جواز ذكر الله تعالى بأي ذكر كان في أي حال كان؛ لأن قراءة القرآن إذا كانت جائزة للمُحْدِث فالذكر بالطريق الأولى.

الثالث: فيه دليل على حرمة قراءته على الجنب، وكذلك الحائض؛ لأن حدثها أغلظ من حدث الجنابة، وكان أحمد يرخص للجنب أن يقرأ الآية ونحوها، وكذلك قال مالك، وقد حُكي عنه أنه قال: تقرأ الحائض ولا يقرأ الجنب؛ لأن الحائض إذا لم تقرأ نسيت القرآن؛ لأن أيام الحيض تتطاول؛ ومدة الجنابة لا تتطاول، وروي عن ابن المسيب وعكرمة أنهما كانا لا يريان بأسا بقراءة القرآن للجُنب، والجمهور على تحريمه.

وفي "المغني" (١): لا يقرأ القرآن جنب، ولا حائض، ولا نفساء، رويت الكراهة لذلك عن عمر، وعلي، والحسن، والنخعي، والزهري، وقتادة، والشافعي، وأصحاب الرأي، وقال الأوزاعي: لا يقرأ إلاَّ آية الركوب، والنزول {سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا} (٢)، {وَقُلْ رَبِّ أَنْزِلْنِي مُنْزَلًا مُبَارَكًا} (٣)، وقال ابن عباس: يقرأ ورده، وقال سعيد بن المسيَّب: يقرأ، أليس هو في جوفه؟

والذي يحرم عليه قراءة آية، فأما ما دون الآية ففيه روايتان:

إحداهما: لا تجوز قراءته، وهو مذهب الشافعي.

والثانية: تجوز، وهو قول أبي حنيفة.

وقال صاحب "البدائع"، ويستوي في الكراهة الآية التامة وما دونها عند عامَّة مشايخنا، وقال الطحاوي: لا بأس بقراءة ما دون الآية.


(١) "المغني" (١/ ٩٦).
(٢) سورة الزخرف، آية: [١٣].
(٣) سورة المؤمنون، آية: [٢٩].

<<  <  ج: ص:  >  >>