للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والثالث: أراد به إثبات حقيقة الربا، وحقيقته أن يكون في الشيء نفسه، وهو الربا المذكور في القرآن في قوله تعالى: {وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ} (١)؛ لأنهم كانوا يقولون: إما أن تقضي أو تربي.

قوله: "أرأيت" معناه: أخبرني.

قوله: "أشيء سمعته" وقد جاء في رواية مسلم (٢) الوجهان الرفع والنصب.

قوله: "أما كتاب الله فلا أعلمه" معناه لا أعلمه فيه مذكورًا.

ص: قال أبو جعفر -رحمه الله-: فذهب قوم إلى أن بيع الفضة بالفضة والذهب بالذهب مثلين بمثل جائز إذا كان يدًا بيد، واحتجوا في ذلك بما رويناه عن أسامة بن زيد، عن النبي -عليه السلام-.

ش: أراد بالقوم هؤلاء: أبا مجلز لاحق بن حميد والحكم بن عتيبة وطاوسًا؛ فإنهم قالوا: بيع الفضة بالفضة والذهب بالذهب متفاضلا يجوز إذا كان يدًا بيد، وروي ذلك عن ابن عباس وأسامة بن زيد - رضي الله عنهم -.

ص: وخالفهم في ذلك أكثر العلماء، فقالوا: لا يجوز بيع الفضة بالفضة ولا الذهب بالذهب إلا مثلًا بمثل سواءً بسواءٍ يدًا بيدٍ.

ش: أي خالف القوم المذكورين جماهير العلماء من التابعين ومن بعدهم منهم الأئمة الأربعة وأصحابهم، وقالوا: لا يجوز بيع الجنس بالجنس من أحد النقدين إلا متماثلين يدًا بيدٍ.

ص: وكان من الحجة لهم في تأويل حديث ابن عباس عن أسامة - رضي الله عنهم - الذي ذكرناه في الفصل الأول أن ذلك الربا إنما عنى به ربا القرآن الذي كان أصله في النسيئة؛ وذلك أن الرجل كان يكون له على صاحبه الدين، فيقول له: أجلني به إلى كذا وكذا، بكذا وكذا درهمًا أزيدكها في دينك؛ فيكون مشتريًا للأجل بمال،


(١) سورة البقرة، آية: [٢٧٩].
(٢) تقدم.

<<  <  ج: ص:  >  >>