للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والنُّساءة -بضم النون: التأخير، وكذلك النسيئة على وزن فعيلة، تقول: نسأته البيع وأنسأته وبعته بنساءة وبعته بِكُلأَة أي بأخرة، وكذلك بعته بنسيئة أي بأخرة، وقد ذكره الجوهري في نسأ مهموز، ثم هذه العبارة تقتضي أن تقتصر حرمة الربا في النسيئة؛ لأنه ذكرها بأداة القصر، فتقتضي جواز بيع الربويات متفاضلة مع التقابض كما ذهب إليه ابن عباس وطائفة من أهل العلم، كما نذكره إن شاء الله تعالى، ولكن المراد منه ربا القرآن الذي كان في النسيئة كما سيجيء مستقصًى إن شاء الله.

وقال عياض: جاء في رواية مسلم (١): "الربا في النسيئة" وفي بعض طرقه: "إنما الربا في النسيئة"، وفي بعض طرقه: "لا ربا فيما كان يدًا بيد".

وروى البخاري (٢): "لا ربا إلا في النسيئة".

فإن قيل: كيف الوجه في بناء هذه الأحاديث مع قوله: "الذهب بالذهب. . . . الحديث". وفي آخره: "مِثْلًا بمثل، سواء بسواء، يدًا بيد" فقد أثبت الربا مع كونه يدًا بيد وهذا يمنع من حمله على أن المراد به النسيئة، حتى يكون مطابقًا لما تعلق به ابن عباس.

قيل: عنه ثلاثة أجوبة:

الأول: معناه لا ربا؛ لأنه العروض وما في معناها مما هو خارج عن الستة المنصوص عليها وعن ما يقاس عليه، ولا شك أن العروض يدخلها الربا نسيئة.

والثاني: أن يكون المراد الأجناس المختلفة من هذه الستة وأما ما في معناها فإنه لا ربا فيها إلا مع النسيئة، فيحمل ما تعلق به ابن عباس على هذا؛ حتى لا يكون بين الأحاديث تعارض.


(١) تقدم.
(٢) "صحيح البخاري" (٢/ ٧٦٢ رقم ٢٠٦٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>