عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة وأبي سعيد، عن النبي -عليه السلام-، ذكر في آخره:"وكذلك الميزان"، إلا أن مالكًا لم يذكره في حديثه وهو أمر مجمع عليه لا خلاف بين أهل العلم فيه، كل يقول على أصله أن ماذا حكمه في الجنس الواحد من جهة التفاضل والزيادة لم يجز فيه الزيادة والتفاضل لا في كيل ولا في وزن، والوزن والكيل عندهم في ذلك سواء إلا ما كان أصله الكيل لا يباع إلا كيلًا وما كان أصله الوزن لا يباع إلا وزنًا، وما كان أصله الكيل فبيع وزنًا فهو عندهم مماثلة وإن كرهوا ذلك، وما كان موزونًا فلا يجوز (أن يباع)(١) كيلًا عندهم أجمعين؛ لأن المماثلة لا تدرك بالكيل إلا فيما كان كيلًا لا وزنًا اتباعًا للسنة، قال - صلى الله عليه وسلم -: "البر بالبر مُدَّيْن بِمْدَّين".
وأجمعوا أن الذهب والورق والنحاس وما أشبه ذلك لا يجوز شيء من هذا كله كيلًا بكيل بوجه من الوجوه، وكذلك كل موزون لا يباع كيلًا بكيل على كل حال من الأحوال.
وأجمعوا أيضًا أن التمر بالتمر لا يجوز بعضه ببعض إلا مثلًا بمثل، وسواءٌ فيه الطيب والدون، وأما الجنيب من التمر فقيل: هو الجنس الواحد غير المختلط، والجمع المختلط، وقيل: الجنيب التمر الذي قد أخرج منه حشفه ورديئه، وبيع التمر الجمع بالدراهم وشراء الجنيب من رجل واحد يدخله ما يدخل الصرف في بيع الذهب بدراهم، والشراء بتلك الدراهم دنانير من رجل واحد في وقت واحد، والمراعاة في ذلك كله واحدة.
قلت:"الجنيب" -بفتح الجيم، وكسر النون، بعدها ياء آخر الحروف ساكنة، وفي آخره باء موحدة- قال ابن الأثير: هو نوع جيد معروف من أنواع التمر.
و"الجمع": بفتح الجيم وسكون الميم. قال ابن الأثير: كل لون من النخل لا يعرف اسمه فهو جمع، وقيل: الجمع تمر مختلط من أنواع متفرقة وليس مرغوبًا فيه وما يخلط إلا لردائته.