للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والنسائي (١): عن أبي موسى، عن عبد الرحمن، عن شعبة، عن قتادة به.

وابن ماجه (٢): عن ابن بشار وابن مثنى، عن غندر، عن شعبة، عن قتاده به.

قوله: "العائد في هبته" أي الراجع إلى هبته كالراجع إلى قيئه، وكلمة "في" بمعنى "إلى" كما في قوله تعالى: {فَرَدُّوا أَيْدِيَهُمْ فِي أَفْوَاهِهِمْ} (٣) وأصل هذا الباب أن يعدي بـ"إلى" تقول عاد إليه يعود عودًا وعودةً: أي رجع، ولما كان العائد إلى قيئه قد أبشع في فعله وتقذر حيث فعل فعلًا يستقذره كل من يراه شبه به العائد في هبته تنبيهًا على عظم هذا الفعل في بلوغه إلى منتهى البخل واللؤم، وعلى سوء هذا الصنيع وقبحه، وإنما أطلق العائد في قيئه ليعمَّ كل عائد من بني آدم وغيرهم، وقد جاء في رواية أخرى مقيدًا وهو: كالكلب يعود إلى قيئه" على ما يجيء إن شاء الله تعالى.

وهذا أبلغ في الاستقذار للمشاهد ذلك. وقد احتج به من لم يجوِّز الرجوع في الهبة، وذلك لأن القيء لما كان حرامًا كان العائد إليه كالواقع في الحرام، وسيجيء مزيد الكلام فيه إن شاء الله تعالى.

ص: قال أبو جعفر -رحمه الله-: فذهب قوم إلى أن الواهب ليس له أن يرجع فيما وهب، واحتجوا في ذلك بهذا الحديث، وقالوا: لما كان رسول الله -عليه السلام- قد مثل الرجوع في الهبة كالرجوع في القيء، وكان رجوع الرجل في قيئه حرامًا عليه كان كذلك رجوعه في هبته.

ش: أراد بالقوم هؤلاء: طاوس بن كيسان وعكرمة والشافعي وأحمد وإسحاق؛ فإنهم قالوا: ليس للواهب أن يرجع فيما وهب إلا الذي ينحله الأب لابنه.


(١) "المجتبى" (٦/ ٢٦٦ رقم ٣٦٩٦).
(٢) "سنن ابن ماجه" (٢/ ٧٩٧ رقم ٢٣٨٥).
(٣) سورة إبراهيم، آية: [٩].

<<  <  ج: ص:  >  >>