للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعند مالك: له أن يرجع في الأجنبي الذي قصد منه الثواب ولم يشبه، وبه قال أحمد في رواية، وغير الأب من الأصول كالأب عند الشافعي في الأصح. وعند مالك: لا، سوى الأم، وعند أحمد: لا الأم أيضًا.

وقال ابن حزم في "المحلى" (١): ومن وهب هبة صحيحة لم يجز له الرجوع فيها أصلًا مُذْ تلفظ بها، إلا الوالد والأم فيما أعطيا أو أحدهما لولدهما، ولهما الرجوع فيه أبدًا، الصغير والكبير سواء، وهو قول الشافعي وأبي سليمان وأصحابهما.

ص: وخالفهم في ذلك آخرون فقالوا: للواهب أن يرجع في هبته إذا كانت قائمة على حالها لم تستهلك ولم تزد في بدنها بعد أن يكون الموهوب له ليس بذي رحم محرم من الواهب، وبعد أن يكون لم يشبه منها ثوابًا، فإن كان أثابه منها ثوابًا وقَبِلَ ذلك الثواب منه، أو كان الموهوب له ذا رحم محرم من الواهب فليس للواهب أن يرجع فيها، فإن لم يكن الواهب ذا رحم محرم للموهوب له، ولكنها امرأة وهبت لزوجها، أو زوج وهب لمرأته فهما في ذلك كذي الرحم المحرم، وليس لواحد منهم أن يرجع فيما وهب لصاحبه.

ش: أي خالف القوم المذكورين، وأراد بهم: سعيد بن المسيب وعمر بن عبد العزيز وشريحًا القاضي والأسود بن يزيد والحسن البصري وعامرًا الشعبي وأبا حنيفة وأبا يوسف ومحمدًا -رحمهم الله-؛ فإنهم قالوا: للواهب من الأجنبي الرجوع عن هبته ما دامت قائمة ولم يعوض عنها. وروي ذلك عن عمر بن الخطاب وفضالة بن عبيد وعلي بن أبي طالب وأبي هريرة وعبد الله بن عمر - رضي الله عنهم -.

قوله: "لم يثبه" من الإثابة وهو التعويض والمجازاة، يقال: أثابه يثيبه إثابة، والاسم: الثواب ويكون في الخير والشر، إلا أنه في الخير أخص وأكثر استعمالًا.

وقال ابن حزم في "المحلى" (١): قال أبو حنيفة - رضي الله عنه -: من وهب لذي رحم محرمة أو ولده وأقبضه إياه أو وهب أحد الزوجين لصاحبه هبة وأقبضه إياها، فلا رجوع


(١) "المحلى" (٩/ ١٢٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>