للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأخرجه أحمد في "مسنده" (١): ثنا محمَّد بن جعفر، قال: نا عوف، عن خلاس، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله -عليه السلام-: "مثل الذي يعود في هبته كمثل الكلب أكل حتى إذا شبع قاء ثم عاد في قيئه فأكله".

ص: وقد روي عن رسول الله -عليه السلام- مثل هذا الكلام في معنى غير هذا المعنى: حدثنا نصر بن مرزوق وابن أبي داود، قالا: ثنا أبو صالح، قال: حدثني الليث، قال: حدثني عقيل، عن ابن شهاب، قال: أخبرني سالم بن عبد الله: "أن عبد الله بن عمر كان يحدث أن عمر - رضي الله عنه - تصدق بفرس في سبيل الله فوجده يباع بعد ذلك، فأراد أن يشتريه، فأتى النبي -عليه السلام- فاستأمره في ذلك، فقال له رسول الله -عليه السلام-: لا تعد في صدقتك".

فلذلك كان ابن عمر لا يرى أن يبتاع مالًا جعله صدقة.

حدثنا يونس، قال: أنا ابن وهب، أن مالكًا حدثه، عن زيد بن أسلم، عن أبيه، قال: سمعت عمر بن الخطاب يقول: "حملت على فرس في سبيل الله فأضاعه الذي كان عنده فأردت أن أبتاعه منه فظننت أنه بائعه برخص، فسألت عن ذلك رسول الله -عليه السلام- فقال: لا تبتعه وإن أعطاكه بدرهم واحد، ولا تعد في صدقتك، فإن العائد في صدقته كالكلب يعود في قيئه".

حدثنا المزني، قال: ثنا الشافعي، قال: ثنا سفيان، عن زيد بن أسلم، عن أبيه، عن عمر - رضي الله عنه -: "أنه أبصر فرسًا تباع في السوق وكان تصدق بها، فسأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يشتريه، فقال: رسول الله لا تشتره ولا شيئًا من نتاجه".

فمنع رسول الله -عليه السلام- عمر أن يبتاع ما كان تصدق به أو شيئًا من نتاجه، وجعله إن فعل ذلك كالكلب يعود في قيئه، فلم يكن ذلك موجب حرمة ابتياع الصدقة على المتصدق بها، ولكن ترك ذلك أفضل، وكذلك ما ذكرنا مثل هذا إنما ذكرنا عن


(١) "مسند أحمد" (٢/ ٤٩٢ رقم ١٠٣٨٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>