للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ص: وقد كان رسول الله -عليه السلام- إذا قسم شيئًا بين أهله سوى بينهم جميعًا، فأعطى المملوك منهم كما يعطى الحر.

حدثنا بذلك يونس، قال: ثنا ابن وهب، قال: أخبرني ابن أبي ذئب، عن القاسم ابن عباس، عن عبد الله بن دينار، عن عروة، عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: "أتي رسول الله -عليه السلام- بظَبيَة خرز، فقسمها بين الحرة والأمة، قالت عائشة: وكذلك كان أبي يقسم للحر والعبد".

فكان هذا مما كان النبي -عليه السلام- يعم بعطاياه جميع أهله حرهم وعبدهم ليس على أن ذلك واجب، ولكنه أحسن من غيره، فكذلك كانت مشورته في الولدان أن يسوى بينهم في العطية ليس على أنه واجب ولا على أن غيره إن فُعِلَ لم يثبت، وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد -رحمهم الله-.

ش: ذكر هذا شاهدًا لما قاله من أن التسوية بين الأولاد في العطية غير واجبة وإنما هي أفضل من غيرها تطيبًا لقلوبهم، كما كان النبي -عليه السلام- إذا قسم شيئًا بين أهله سوى بينهم، حتى كان يعطي المملوك منهم مثل ما كان يعطي للحر، وهذا لم يكن لأجل كون التسوية واجبة، وإنما كان ذلك منه مراعاة لخواطرهم، وتطيبًا لأنفسهم؛ وإشارة أيضًا إلى أن الأمر المذكور بالتسوية المذكور في الأحاديث السابقة إنما هو للندب لا للوجوب.

ثم إنه أخرج حديث عائشة - رضي الله عنهما - بإسناد صحيح، عن يونس بن عبد الأعلى شيخ مسلم، عن عبد الله بن وهب، عن محمَّد بن عبد الرحمن بن أبي ذئب، عن القاسم بن عباس بن مغيث الهاشمي المدني، عن عبد الله بن نِيَار -بكسر النون وتخفيف الياء آخر الحروف وفي آخره راء- ابن مكرم الأسلمي المدني، عن عروة بن الزبير، عن عائشة.

وأخرجه أبو داود (١): عن إبراهيم بن موسى، عن عيسى بن يونس، عن ابن أبي ذئب، عن القاسم بن عباس، عن ابن نيار، عن عروة، عن عائشة، نحوه.


(١) "سنن أبي داود" (٣/ ١٣٦ رقم ٢٩٥٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>