للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ص: وخالفهم في ذلك آخرون، فقالوا: إنما وقع قول رسول الله -عليه السلام- هذا على الشروط التي قد أباح الكتاب اشتراطها وجاءت بها السنة وأجمع عليها المسلمون، وما نهى عنه الكتاب ونهت عنه السنة فهو غير داخل في ذلك.

ش: أي خالف القوم المذكورين جماعة آخرون وأراد بهم: طاوسًا ومجاهدًا والنخعي والثوري والأوزاعي والحسن بن حي والزهري في رواية وأبا حنيفة وأبا يوسف ومحمدًا والشافعي وأحمد وبعض الظاهرية وعبد الله بن شبرمة وأبا عبيد؛ فإنهم قالوا: العمرى هبة مقبولة يملكها المعمَر ملكًا تامًّا، رقبتها ومنافعها، واشترطوا فيها القبض على أصولهم في الهبات.

وقال ابن حزم في "المحلي": العمرى والرقبى هبة صحيحة ثابتة يملكها المعمَر والمرقَب كسائر ماله يبيعها إن شاء وتورث عنه، ولا يرجع إلى المعمِر ولا إلى ورثته شَرَطَ أن ترجع إليه أو لم يشترط، وشرطُه لذلك ليس بشيء، والعمرى هي أن يقول: هذه الدار [طمس بالأصل مقدار لوحة].

والطحاوي أيضًا في باب: البيع يشترط فيه شرط بوجوه كثيرة وطرق متعددة.

قوله: "ولكان هذا الحديث معارضا لذلك" أراد بهذا الحديث حديث النهي عن الشرطين في البيع، وأشار بقوله: "لذلك"، إلى حديث أبي هريرة: "المسلمون عند شروطهم" وجه المعارضة بينهما ظاهر، ودفعها بما ذكره آنفًا.

قوله: "ولقوله: كل شرط" أي: ولكان هذا الحديث أيضًا معارضًا لقوله -عليه السلام-: "كل شرط ليس في كتاب الله فهو باطل" ووجه المعارضة بينهما أيضًا ظاهر على تقدير عموم قوله -عليه السلام-: "المسلمون عند شروطهم" فإذا جعل معناه: الشروط التي أباحها الكتاب والسنة أو إجماع الأمة تندفع تلك المعارضة.

قوله: "لمن هي لهم عليه نقضها" الضمير في "هي" و"نقضها" للشروط، وفي "لهم" للأصحاب الشروط، وفي "عليه" يرجع إلى مَنْ، فافهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>