للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد رواه غيره، عن هشام، عن أبيه مرسلًا، وقال فيه: حفص بن ميسرة، عن هشام، عن أبيه، عن أبي الزبير.

وأما حديث عبد الله بن الزبير فالآن ذكرناه عن البزار.

وأخرجه الطبراني أيضًا: ثنا عبد الله بن محمَّد بن سعيد بن أبي مريم، نا عمرو ابن أبي سلمة التنيسي، ثنا حفص بن ميسرة، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عبد الله بن الزبير قال: قال رسول الله -عليه السلام-: "العمرى جائزة لمن أُعْمِرَها والرقبي لمن أُرْقِبَهَا، سبيلها سبيل الميراث".

وأما حديث عبد الله بن عمر فأخرجه النسائي (١): أنا إسحاق بن إبراهيم، قال: أنا عبد الرزاق، ثنا ابن جريج، عن عطاء، أنا حبيب بن أبي ثابت، عن ابن عمر، أن رسول الله -عليه السلام- قال: "لا عمرى ولا رقبي، فمن أُعْمِرَ شيئًا أو أُرْقِبَهُ فهو له حياته ومماته".

ص: فقال أهل المقالة الأولى: فنحن لا ننكر أن تكون العمرى لمن أُعمِرَها، وإنما قلنا: إنها ترجع إلى المُعْمِر بعد موت المُعْمَر، فكان من حجتنا عليهم في ذلك أن رسول الله -عليه السلام- نهى فيما ذكرنا من الآثار عن العمرى، فاستحال أن يكون ينهى عنها وهي تجري كما عُقدت؛ ولكنه نهى عنها لأنها تجرى على خلاف ذلك، ثم قال: "من أُعْمِرَ شيئًا فهو له" فأرسل ذلك ولم يقل: فهو له ما دام حيًّا، فدل ذلك على أنها له كسائر ماله في حياته وبعد موته، وهذا معنى ما روي عن رسول الله -عليه السلام- أنه جعلها جائزة، أي جعلها جائزة للمُعْمَر، لا حق فيها للمُعْمِر بعد ذلك أبدًا.

ش: حاصل هذا الكلام أن أهل المقالة الأولى قالوا لأهل المقالة الثانية: كل ما ذكرتم من الحجج لا تضرنا؛ لأنَّا لا ننكر أن تكون العمرى لمن أُعْمِرَهَا، فتكون العمرى لمن أُعْمِرها ولكنها ترجع إلى المُعْمِر -بكسر الميم الثانية- بعد موت المُعْمَر -بفتح الميم- فأجاب الطحاوي عن هذا بقوله: فكان من حجتنا عليهم في ذلك أي


(١) "المجتبى" (٦/ ٢٧٣ رقم ٣٧٣٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>