للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَى} (١)، رُوي أن أصحاب رسول الله - عليه السلام - أصابتهم جراحة ففشت فيهم، ثم ابتلوا بالجنابة، فشكوا ذلك فنزلت هذه الآية.

وقالت عائشة - رضي الله عنها -: "كنت في مسير مع رسول الله - عليه السلام - حتى إذا كنت بذات الجيش؛ ضلَّ عقد لي ... " الحديث، قال: فنزلت آية التيمم، وهي مُعضلةٌ ما وجدت لدائها من دواء عند أحد، هما آيتان فيهما ذكر التيمم، إحداهما في النساء، والأخرى في المائدة، فلا نعلم أَيَّةُ آيةٍ عنت عائشة، وآية التيمم المذكورة في حديث عائشة النازلة عند فقد العقد كانت في غزوة المريسيع، قال خليفة بن خياط: في سَنة ست من الهجرة، وقال غيره: سنة خمس؛ وليس بصحيح، وحديثهما يدل على أن التيمم قبل ذلك لم يكن معلوما ولا مفعولا لهم، والله أعلم كيف كان حال من عدم الماء ثم جاءت عليه الصلاة؟ فإحدى الآيتين سفرية والأخرى حضرية، ولما كان أمر لا يتعلق به خبأه الله تعالى ولم ينشر بيانه على يد أحد، ولقد عجبت من البخاري بوب في

كتاب التفسير في سورة النساء على الآية التي ذكر فيها التيمم فقال (٢): باب "وإن كنتم مرضى أو على سفر" وأدخل فيه حديث عائشة، وبوب في سورة النساء، باب (٣) "فلم تجدوا ماء"، وأدخل حديث عائشة بعينه، وإنما أراد أن يدل على أن الآيتين تحتمل كل واحدة منهما قصة عائشة، وأراد فائدة أشار إليها، أن قوله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا} (٤) إلى هذا الحد نزل في قصة، على أن ما وراءها قصة أخرى، وحكم آخر يتعلق به شيء، فلما نزلت في وقت آخر قرنت بها، والذي يقتضيه هذا الظاهر عندي أن آية الوضوء التي يذكر التيمم فيها في المائدة هي النازلة في قصة عائشة، وكان الوضوء مفعولا غير متلو فكمل ذكره، وعقب بذكر بدله، واستوفيت النواقص فيه، ثم أعيدت من قوله: {وَإِنْ كُنْتُمْ} هو إلى آخر الآية في سورة النساء مركبة على قوله


(١) سورة المائدة، آية: [٦].
(٢) تكررت في "الأصل، ك".
(٣) "صحيح البخاري" (٤/ ١٦٧٣ رقم ٨٩).
(٤) "صحيح البخاري" (٤/ ١٦٧٣ رقم ١١٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>