للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا حديث صحيح أخرجه مسلم وغيره (١) كما ذكرناه، ثم رجال حديث عبد الله بن علقمة كلهم ثقات.

وأبو كريب اسمه محمَّد بن العلاء، شيخ الجماعة، ومعاوية بن هشام: أبو الحسن القصار الكوفي، روى له الجماعة إلا البخاري، وسفيان هو الثوري، وجابر هو ابن يزيد الجعفي وقد ذكرناه الآن، وعبد الله بن أبي بكر روى له الجماعة، وعبد الله بن علقمة بن الفغواء -بالفاء، والغين المعجمة الساكنة-، ذكره ابن حبان في الثقات، وأبوه علقمة بن الفغواء أخو عمرو بن الفغواء الخزاعي، يقال: له صحبة، سكن المدينة، وأخرج ابن الأثير هذا الحديث في ترجمة علقمة بن الفغواء، وأخرجه أيضًا أبو بكر الرازي في "أحكام القرآن"، والطبراني في "الكبير" (٢).

قوله: "إذا أجنب" أي إذا صار جُنبا، مثل: أغد البعير، إذا صار ذا غدة.

قوله: "أو أهراق" أي أراق، والهاء زائدة.

ويستفاد منه: أن الوضوء كان لا بد منه لرد السلام ونحوه في صدر الإسلام، ولهذا كان رسول الله - عليه السلام - لا يرد السلام في الجنابة، ولا بعد إراقة الماء قبل الغسل والوضوء، فلما نزلت آية الوضوء نَسَخَتْ هذا الحكم لأنه لم يوجب الطهارة إلا على من أراد الصلاة وهو محدث، فبقي غيرها على أصل الإباحة.

ثم اعلم أن هذه الآية مدنية، وأنها نزلت في قصة عائشة - رضي الله عنها -، ولا خلاف أن الوضوء كان بمكة سنة، معناه أنه كان مفعولا بالسنة، فأما حكمه فلم يكن قط إلَّا فرضا، كذا قاله أبو بكر بن العربي في أحكام القرآن، وقال: وقد روى ابن إسحاق وغيره: "أن النبي - عليه السلام - لما فرض الله عليه الصلاة ليلة الإسراء، ونزل جبريل - عليه السلام - ظهر ذلك اليوم ليصلي به، همز بعقبة فانبجثت ماء، فتوضأ معلما له، وتوضأ هو معه وصلى، وصلى رسول الله - عليه السلام -" وقال في تفسير قوله: {وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ


(١) تقدم تخريجه.
(٢) "المعجم الكبير" (١٨/ ٦ رقم ٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>