للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صحيح وبه أقول. وكفى به شهيدًا، ولو لم تثبت عنده صحة هذا الحديث ووضوح طريقه وسلامة إسناده من الكدر لما حكم فيه بالصحة.

وإن كان هذا من أجل أخيه عيسى بن لهيعة فإن ابن حبان ذكره في الثقات وأدخله بينهم، وروى هذا الحديث عند ترجمته.

وإن كان ذلك من أجل قوله: "بيان وضعه أن سورة النساء. . . ." إلى آخره.

فنقول: نعم إن آية المواريث نزلت بعد أُحُد، كما روي في حديث جابر بن عبد الله الطويل (١): "فجاءت المرأة بابنتين لها إلى رسول الله -عليه السلام-، فقالت: يا رسول الله، هاتان ابنتا سعد بن الربيع، قتل معك يوم أحد، وقد استفى عمهما مالهما وميراثهما كله، فلم يدع لهما مالًا إلا أخذه، فما ترى يا رسول الله؟ فوالله لا ينكحان أبدًا إلا ولهما مال، قال رسول الله -عليه السلام-: يقضي الله في ذلك، فنزلت سورة النساء: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ} (٢).

وأما حبس الصحابة بعلم رسول الله -عليه السلام- بعد خيبر وبعد نزول آية المواريث فلا نسلم صحة ذلك أن يكون كذلك؛ فإنه يحتمل أن يكون قد كان قبل نزول ذلك فلم يقع حبسًا عن فرائض الله.

فإن قيل: فما تقول في وقف رسول الله -عليه السلام- وفي أوقاف الصحابة بعد موت رسول الله -عليه السلام-؟.

قلت: أما وقف رسول الله -عليه السلام- فإنما جاز لأن المانع من وقوعه حبسًا عن فرائض الله، ووقفه -عليه السلام- لم يقع حبسًا عن فرائض الله، لقوله -عليه السلام-: "إنَّا معشر الأنبياء لا نورث، ما تركنا صدقة" (٣).


(١) رواه أبو داود (٣/ ١٢٠ رقم ٢٨٩١)، والترمذي (٤/ ٤١٤ رقم ٢٠٩٢)، وابن ماجه (٢/ ٩٠٨ رقم ٢٧٢٠)، وأحمد (٣/ ٣٥٢ رقم ١٤٨٤٠).
(٢) سورة النساء، آية: [١١].
(٣) رواه النسائي في "الكبرى" (٤/ ٦٤ رقم ٦٣٠٩) وقال الحافظ في "تلخيص الحبير" (٣/ ١٠٠): وإسناده صحيح على شرط مسلم. =

<<  <  ج: ص:  >  >>