وفيه: إثبات الرجم والحكم به على الثيب الزاني، وهو أمر أجمع عليه أهل الحق، وهم الجماعة أهل السنة والأثر، ولا يخالف في ذلك من بعده أهل العلم خلافًا.
وفيه: دليل على أن شرائع مَنْ قَبلَنا شرائع لنا إلا ما ورد في القرآن أو السنة نسخه.
وفيه: أن أهل الكتاب وسائر أهل الذمة إذا تحاكموا إلينا ورضوا بحكم حكامنا هل يحكمون بينهم أم لا؟ فيه خلاف سيأتي بيانه إن شاء الله تعالى.
ص: قال أبو جعفر -رحمه الله-: فذهب قوم إلى أن أهل الذمة إذا أصابوا شيئًا من حدود الله تعالى، لم يحكم عليهم بحكم المسلمين حتى يتحاكموا إليهم ويرضوا بحكمهم، فإذا تحكموا إليهم كان الإِمام مخيَّرًا؛ إن شاء أعرض عنهم فلم ينظر فيما بينهم وإن شاء حكم، واحتجوا في ذلك بقول الله -عز وجل-: {فَإِنْ جَاءُوكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ}(١).
ش: أراد بالقوم هؤلاء: عامرًا الشعبي وإبراهيم النخعي والحسن البصري ومالكًا والشافعي في قول؛ فإنهم قالوا: أهل الذمة إذا أصابوا شيئًا من حدود الله. . . . إلى آخر ما ذكره.
وقال ابن حزم: هل تقام الحدود على أهل الذمة أم لا؟ قال علي: اختلف الناس في هذا: جاء عن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -: لا حد على أهل الذمة في الزنا، وجاء عن ابن عباس: لا حد على أهل الذمة في السرقة، وقال مالك: لا حد عليهم في زنا ولا في شرب الخمر، وعليهم الحد في القذف والسرقة، وقال الشافعي وأبو سليمان وأصحابهما: عليهم الحد في كل ذلك.
ص: وخالفهم في ذلك آخرون، فقالوا: على الإِمام أن يحكم بينهم بأحكام المسلمين، وكل ما وجب على الإمام أن يقيمه على المسلمين فيما أصابوا من الحدود وجب أن يقيمه على أهل الذمة، غير ما يستحلونه في دينهم كشربهم الخمر وما أشبهه فإن ذلك يختلف حالهم فيه وحال المسلمين؛ لأن المسلمين