يعاقبون على ذلك، وأهل الذمة لا يعاقبون عليه، وخلا الرجم في الزنا فإنه لا يقام عندهم على أهل الذمة. لأن الأسباب التي يجب بها الإحصان في قولهم: أحدها الإسلام، فأما ما سوى ذلك من العقوبات الواجبات في انتهاك الحرمات فإن أهل الذمة فيه كأهل الإسلام، ويجب على الإمام أن يقيمه عليهم وإن لم يتحاكموا إليه، كما يجب عليه أن يقيمه على أهل الإسلام وإن لم يتحاكموا إليه.
ش: أي: خالف القوم المذكورين جماعة آخرون، وأراد بهم: مجاهدًا وعكرمة والزهري وعمر بن عبد العزيز وأبا حنيفة وأبا يوسف ومحمدًا والشافعي في قول.
ولكن فيما بينهم خلاف من وجه آخر، فقال أبو حنيفة: إذا جاءت المرأة والزوج فعليه أن يحكم بينهما بالعدل، فإن جاءت المرأة وحدها ولم يرضى الزوج لا يحكم.
وقال أبو يوسف ومحمد وزفر: بل يحكم.
وكذلك اختلف أصحاب مالك على هذين القولين، والمشهور من مذهب مالك في الذميين يشكو أحدهما ويأبى صاحبه من الحاكم عندنا أنه لا يحكم بينهما إلا بأن يتفقا جميعًا على الرضى بحكمنا، فإن كان ظلمًا ظاهرًا منعوا بأن يظلم بعضهم بعضًا.
وقال مالك وجمهور أصحابه في الذمي والمعاهد والمستأمن يسرق من مال ذِمِّي: أنه يقطع كما لو سرق من مال مسلم.
وقال أبو عمر: إذا سرق الذمي من ذمي ولم يترافعوا إلينا فلا تعرَّض لهم عندنا، وإن ترافعوا إلينا حكمنا عليهم بحكم الله بينهم، وإذا سرق ذمي من مسلم كان الحكم حينئذ إلينا فوجب القطع.
وقال أيضًا: اختلف الفقهاء في اليهوديَّيْن الذمين إذا زنيا هل يُحَدَّان أم لا؟ فقال مالك: إذا زني أهل الذمة أو شربوا الخمر فلا يعرض لهم الإِمام إلا أن يُظهروا ذلك في ديار المسلمين ويُدْخِلُون عليهم الضرر، فيمنعهم السلطان من الإضرار بالمسلمين.