للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: "على سَفَلَتِنَا" السَّفَلَة بفتح السين وكسر الفاء: السقاط من الناس، والسفالة: النذالة، يقال: هو من السفلة. ولا يقال: هو سفلة والعامة تقول: هو رجل سفلة من قوم سفل، وليس بعربي، وبعض العرب يخفف فيقول: فلان من سِفْلة الناس، فينقل كسرة الفاء إلى السين.

ويستنبط منه أحكام:

حكم النبي -عليه السلام- على اليهود بحكم التوراة، وأن حكم التوراة كان باقيًا في زمن رسول الله -عليه السلام-، وأن مبعث النبي -عليه السلام- لم يوجب نسخه، ودل ذلك على أن ذلك الحكم كان كائنا لم ينسخ بشريعة الرسول -عليه السلام-.

وفيه إيجاب الحكم بما أنزل الله وأن لا يُعدل عنه ولا يُحابي فيه مخافة الناس.

وفيه أن اليهود قد حرفوا أكثر التوراة لأجل الدنيا، وأخذوا الرشا على ذلك، قال الله تعالى فيهم: {وَلَا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلًا} (١).

وفيه أن من لم يحكم بما أنزل الله يطلق عليه الكافر والظالم والفاسق، ولكن المراد من الكفر كفران النعمة من غير جحود حكم، وقد اختلفوا في معنى الآية، فقال ابن عباس: هو في الجاحد لحكم الله، وقال: هي في اليهود خاصة، وقال ابن مسعود والحسن وإبراهيم: هي عامة.

يعني فيمن لم يحكم بما أنزل الله، وحكم بغيره أنه حكم الله، وفي رواية البراء: هي كلها في الكفار كما مَرَّ آنفًا، وقال إبراهيم النخعي: "الآية نزلت في بني إسرائيل ورضي لكم بها" وروى الثوري، عن زكرياء، عن الشعبي قال: "الأولى للمسلمين والثانية لليهود والثالثة للنصارى". والله أعلم.

ص: وأما قول الله -عز وجل-: {فَإِنْ جَاءُوكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ} (٢) فإن الذين ذهبوا إلى تثبيت الحكم يقولون: هي منسوخة.


(١) سورة البقرة، آية: [٤١].
(٢) سورة المائدة، آية: [٤٢].

<<  <  ج: ص:  >  >>