للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلت: إسحاق هو ابن راهويه، حجة حافظ، فإذا رفع الثقة حديثا لا يضره وقف من وقفه فظهر أن الصواب فيه الرفع، وتأويل البيهقي لا دليل عليه، فلا يلتفت إليه، وليس ابن عمر مخالف لما رواه ولا يقال فيه ذلك، وكلها روايات صحيحة، أما روايته الأولى التي فيها: "أنه -عليه السلام- رجم يهوديين زنيا" فكان ذلك قبل اشتراط الإحصان كما ذكرنا، وأما روايته الأخرى فكان ذلك حين اشترط الإحصان؛ فافهم، والله أعلم.

وروى الدارقطني (١) أيضًا: ثنا عبد الله بن أحمد بن ثابت البزاز، حدثنا أحمد بن يوسف الثعلبي، ثنا أحمد بن أبي نافع، ثنا عفيف بن سالم، ثنا سفيان الثوري، عن موسى بن عقبة، عن نافع، عن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله -عليه السلام- "لا يحصن المشرك بالله شيئًا".

قال الدارقطني: وَهِمَ عفيف في رفعه، والصواب موقوف من قول ابن عمر.

قلت: عفيف ثقة. قاله ابن معين وأبو حاتم، ذكره ابن القطان، وقال صاحب "الميزان": محدث مشهور، صالح الحديث، وقد قلنا: إن الثقة إذا رفع الحديث لا يضره وقف من وقفه (٢).

ص: ثم اختلف الناس من بعد في الإحصان، فقال قوم: لا يكون الرجل محصنًا بامرأته ولا المرأة محصنة بزوجها حتى يكونا حُرَّين مسلمين بالغين، قد جامعها وهما بالغان في نكاح صحيح، وممن قال بذلك: أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد -رحمهم الله-.

ش: لما ذكر أن اليهود لا يرجمون إذا زنوا لعدم شرط الإحصان وهو الإِسلام؛ أخذ في بيان شروط الإحصان مع بيان الخلاف فيه، واعلم أن شروط إحصان الرجم


(١) "سنن الدارقطني" (٣/ ١٤٦ رقم ١٩٧).
(٢) قلت: وفي هذا نظر، قد نبهنا عليه مرارًا، والصواب أن ينظر في حال من وقف ومن رفع، والحكم للأحفظ والأضبط. كما هو معلوم في علم علل الحديث.

<<  <  ج: ص:  >  >>