وروى بشر بن الوليد، عن أبي يوسف قال: قال ابن أبي ليلى: إذا زنى اليهودي أو النصراني بعد ما أحصنا فعليهما الرجم. قال أبو يوسف: وبه نأخذ.
ص: فاحتمل قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "الثيب بالثيب: الرجم" أن يكون هذا على كل ثيب، واحتمل أن يكون على خاص من الثيب، فنظرنا في ذلك فوجدناهم مجمعين أن العبيد غير داخلين في ذلك، وأن العبد لا يكون محصنًا ثيبًا كان أو بكرًا، ولا يحصن زوجته حرة كانت أو أمة، وكذلك الأمة لا تكون محصنة بزوجها حرًّا كان أو عبدًا، فثبت بما ذكرنا أن قول النبي -عليه السلام-: "الثيب بالثيب: الرجم" إنما وقع على خاص من الثيب لا على كل الثيب، فلم يدخل فيما قد أجمعوا أنه وقع على خاص إلا ما قد أجمعوا أنه فيه داخل، وقد أجمعوا أن الحرين المسلمين البالغين الزوجين اللذين قد كان منهما جماع محصنين، واختلفوا فيمن سواهما، فقد أحاط علمنا أن ذلك قد دخل في قول رسول الله -عليه السلام-: "الثيب بالثيب: الرجم" فأدخلناه فيه، ولم نحط علمًا بما سوى ذلك فأخرجناه منه، وقد كان يجيء في القياس لما كانت الأمة لا تحصن الحر ولا يحصنها الحر، وكانت هي في عدم إحصانها إياه كهو في عدم إحصانه إياها؛ أن تكون كذلك النصرانية لما كانت لا تحصن زوجها المسلم كان هو أيضًا كذلك لا يحصنها، وقد رأينا الأمة أيضًا لما بطل أن تكون تحصن الحر، بطل أن تكون تحصن العبد، فكذلك يجيء في النظر أيضًا أن تكون النصرانية لما بطل أن تحصن المسلم بطل أن تحصن الكافر؛ قياسًا ونظرًا على ما ذكرنا.
ش: أشار بهذا إلى الجواب عما ذهب إليه أهل المقالة الثانية، محتجين بعموم قوله -عليه السلام-: "الثيب بالثيب: الرجم" وذلك أنه يعم المسلمين والكافرين ولا يُخَصُّ منه شيء إلا ما خصَّه الله ورسوله -عليه السلام- من العبيد والإماء.
وتقرير الجواب: أن يقال: إن قوله -عليه السلام-: "الثيب بالثيب" يحتمل أن يكون على عمومه فيشمل كل ثيب، ويحتمل أن يراد به الثيب الخاص، فلما نظرنا فيه فوجدنا