وليس من شرط قبول الأخبار كثرة رواية الراوي عن من روى عنه، وإذا روى الثقة عن من لا ينكر سماعه منه حديثا واحدًا وجب قبوله، وإن لم يرو عنه غيره.
قلت: ذكره الترمذي في "علله" وقال: سألت محمدًا عنه -أي عن هذا الحديث- فقال: عمرو بن دينار لم يسمع هذا الحديث من ابن عباس، فعل هذا يُرمى الحديث بالانقطاع في موضعين:
الأول: من البخاري بين عمرو وابن عباس.
والثاني: من الطحاوي بين قيس وعمرو، وطعن البيهقي في كلام الطحاوي لا وجه له؛ لأن أحدًا من أهل هذا الشأن لم يصرح بأن قيس بن سعد سمع من عمرو بن دينار، ولا يلزم من قول جرير: سمعت قيسًا يحدث عن عمرو أن يكون قيس سمع ذلك من عمرو، وقد روى البيهقي في باب فضل التأذين على الإمامة من حديث أبي حمزة السُّكري، سمعت الأعمش يحدث، عن أبي صالح، عن أبي هريرة قال: قال -عليه السلام-: "الإِمام ضامن والمؤذن مؤتمن. . . ." الحديث. ثم لم يجعل البيهقي ذلك سماعًا للأعمش من أبي صالح، بل قال: هذا الحديث لم يسمعه الأعمش من أبي صالح إنما سمعه من رجل عن أبي صالح.
وأما سيف فإن الذهبي ذكره في كتابه في "الضعفاء" وقال: رُمِي بالقدر، وقال في "الميزان": ذكره ابن عدي في "الكامل" وساق له هذا الحديث، وسأل عباس يحيى بن معين عن هذا الحديث، فقال: ليس بمحفوظ.
ثم لو سلمنا ما ذكروا كله وقطعنا بصحة هذا الحديث وخلوه عن العلة، فنقول: إن نص القرآن يرده على ما يجيئ بيانه مستقصًى، إن شاء الله تعالى.
ص: حدثنا يونس، قال: أنا ابن وهب، قال: أخبرني سليمان بن بلال، عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن، عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة، عن رسول الله -عليه السلام- مثله.