للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ش: أي فكان من الدليل والبرهان على الآخرين لأهل المقالة الأولى وأراد بذلك الجواب عما احتجوا به من حديث سهل بن أبي حثمة وهو ظاهر.

وقال ابن حزم: وأما حديث القسامة فاحتجاجهم به إحدى فضائحهم؛ لأن المالكيين والشافعيين مخالفون لما فيه، أما المالكيون فخالفوه جملة، وأما الشافعيون فخالفوا ما فيه من إيجاب القود، فكيف يستحلون الاحتجاج بحديث قد هان عليهم خلافه فيما فيه وزادوا من ذلك تثبيت الباطل الذي ليس في الحديث منه شيء أصلًا، وإنما في هذا الخبر تحليف المدعيين أولًا خمسين يمينًا بخلاف جميع الدعاوى، ثم رد اليمين على المدعى عليهم بخلاف قولهم، فمن أين رأوا أن يقيسوا عليه ضده من تحليف المدعى عليه أولًا فإن نكل؛ حلف المدعي، ولم يقيسوا عليه في تبرئة المدعي في سائر الدعاوى وأن يجعلوا الأيمان في كل دعوى خمسين يمينًا، فهل في التخليط وخلاف السنن وعكس القياس وضعف النظر أكثر من هذا النهي؟!

وقال أبو عمر: في حديث القسامة أن المدعيين الدم يبدءون بالأيمان في القسامة، وهذا في القسامة خاصة، وهو يخص قول النبي -عليه السلام-: "البينة على المدعي واليمين على ما أنكر".

وقد روي عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، قال: قال رسول الله -عليه السلام-: "البينة على المدعي واليمين على من أنكر إلا في القسامة" (١).

قلت: ابتداء المدعيين الدم بالأيمان لا يستلزم جواز رد اليمين على المدعي ولا فيه دلالة على هذا، وحديث عمرو بن شعيب في إسناده مقال.

فإن قيل: روى الحكم في "مستدركه" (٢): من حديث سليمان بن عبد الرحمن، ثنا محمَّد بن مسروق، عن إسحاق بن الفرات، عن الليث، عن نافع، عن ابن عمر: "أن النبي -عليه السلام- رد اليمين على طالب الحق".


(١) "المحلي" (٩/ ٣٧٩).
(٢) "المستدرك على الصحيحين" (٤٠/ ١١٣ رقم ٧٠٥٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>