للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأخرجه البخاري (١) أيضًا، والطحاوي على ما يأتي.

ص: وأما وجه ذلك من طريق النظر: فإنا رأينا المدعي الذي عليه أن يقيم الحجة على دعواه لا تكون حجته تلك جارة إلى نفسه مغنمًا، ولا دافعة عنها مغرمًا، فلما وجبت اليمين على المدعى عليه فردها على المدعي فإن استحلفنا المدعي جعلنا يمينه حجة له فحكمنا له بحجة كانت منه هو بها جار إلى نفسه مغنمًا، وهذا خلاف ما تُعبد به العباد فبطل ذلك.

ش: أي: وأما وجه رد اليمين على المدعي من طريق النظر والقياس فإنا رأينا المدعي الذي عليه أن يقيم الحجة أن البينة على دعواه لا يكون هو بتلك الحجة جارًّا إلى نفسه مغنمًا ولا دافعًا عنها مغرمًا.

فإن قيل: اليمين أيضًا حجة مثل البينة فلا يكون أيضًا إذا حلف جارًّا إلى نفسه مغنمًا فكيف الفرق بينهما؟

قلت: ظهور المغنم له عند إقامة البينة بواسطة البينة وليس له في ذلك عمل بخلاف ما إذا حلف عند الاستحلاف؛ لأنه حينئذ يكون هو الذي أظهر ذلك المغنم بإقدامه على اليمين وهو عمل ينسب إليه فيكون بذلك جارًّا إلى نفسه مغنمًا فافهم فإنه موضع دقيق.

ص: فإن قال قائل: إنا إنما نحكم له بيمينه وإن كان بها جارًّا إلى نفسه؛ لأن المدعى عليه قد رضي بذلك.

قيل له: وهل يوجب رضى المدعى عليه زوال الحكم عن جهته؟

أرأيت لو أن رجلًا قال: ما ادعى على فلان من شيء فهو مصدق فادعى عليه درهمًا فما فوقه هل يقبل ذلك منه؟ أرأيت لو قال: قد رضيت بما يشهد به زيد علي لرجل فاسق أو لرجل جار إلى نفسه بتلك الشهادة مغنمًا فشهد زيد عليه بشيء هل


(١) "صحيح البخاري" (٤/ ١٦٥٦ رقم ٤٢٧٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>