وأخرجه الطبراني: عن أبي حصين القاضي، عن يحيى الحماني، عن أبي بكر بن عياش. . . . إلى آخره.
ص: فكان من حجتنا على الذين احتجوا بهذه الآثار لأهل المقالة الأولى: أن هذه لم يرد بها الشهادة على الحقوق، وإنما أريد بها الشهادة في الأيمان، وقد روي ما يدل على ذلك عن إبراهيم النخعي.
حدثنا محمد بن خزيمة، قال: ثنا عبد الله بن رجاء، قال: أنا شيبان، عن منصور، عن إبراهيم، عن عبيدة، عن عبد الله قال:"قلنا يا رسول الله، أي الناس خير؟ قال: قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم، ثم يجيء قوم تسبق شهادة أحدهم يمينَه ويمينُه شهادتَه، قال إبراهيم: كان أصحابنا ينهوننا ونحن غلمان أن نحلف بالشهادة والعهد".
فدل هذا من قول إبراهيم أن الشهادة التي ذم النبي -عليه السلام- صاحبها هو قول الرجل: أشهد بالله بما كان كذا، على معنى الحلف، فكره ذلك كما يكره الحلف، فإنه مكروه للرجل الإكثار منه وإن كان صادقًا، فنهي عن الشهادة التي هي حلف كما نهى عن اليمين إلا أن يُستخلف بها، فيكون حينئذٍ معذورًا، ولعله أن يكون أراد بالشهادة التي ذكرنا الحلف بها على ما لم يكن، لقوله:"ثم يفشوا الكذب" فتكون تلك الشهادة شهادة كذب.
ش: أي فكان من دليلنا وبرهاننا على القوم [الذين](١) احتجوا بالأحاديث المذكورة التي رويت عن عمر بن الخطاب وعمران بن الحصين وأم سلمة وأبي هريرة وسعد بن تميم وعبد الله بن مسعود وبريدة الأسلمي والنعمان بن بشير - رضي الله عنهم -. وأشار بذلك إلى الجواب عما قاله أهل المقالة الثانية من الاستدلال بالأحاديث المذكورة فيما ذهبوا إليه، وبيانه أن يقال: استدلالكم بهذه الأحاديث غير تام ولا مطابق لمدَّعاكم؛ لأن المراد من هذه الشهادة هي الشهادة في الأيمان لا الشهادة في الحقوق، والدليل على ذلك: قول إبراهيم النخعي: "كان أصحابنا ينهوننا ونحن