للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله: "إن أحدكما"، فيه رد على من ذهب من النحاة أن أحدًا لا تستعمل إلا في النفي، وقول بعضهم: لا يستعمل إلا في الوصف وأنه لا يوضع موضع واجب ولا يوقع موقع واحد، وقد أجار هذا المبرد، وجاء في هذا الحديث في غير وصف ولا نفي وبمعنى واحد، قال الله تعالى: {فَشَهَادَةُ أحَدِهِم} (١) قال الخطابي: فيه أن البَيِّنتيْن إذا تعارضتا تهاترتا وسقطتا.

قوله: "لا سبيل لك عليها" حمله جمهور العلماء على العموم، فلا تحل له أبدًا، واختلفوا إذا أكذبَ نفسه: هل تحل له أم لا؟

فعند أبي حنيفة: إذا أكذب نفسه حلت له، لارتفاع المعنى المانع لإكذاب نفسه، وبه قال محمَّد بن الحسن، وهو قول حماد بن أبي سليمان وسعيد بن جبير وسعيد بن المسيب وإبراهيم النخعي والحسن البصري والزهري.

وقال الأوزاعي والثوري والحسن بن حي والليث بن سعد والشافعي ومالك وأحمد وأبو يوسف وزفر وإسحاق وأبو ثور وأبو عبيد: لا يجتمعان أبدًا سواء أكذب نفسه أو لا، ولكنه إن أكذب نفسه جُلِدَ الحدّ ولحق به الوالد، ولا يجتمعان أبدًا.

وروي ذلك عن عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب وعبد الله بن مسعود - رضي الله عنهم -.

وقال الشعبي والضحاك: إذا كذب نفسه جُلد الحدّ وَرُدَّت إليه امرأته.

ص: حدثنا يونس، قال: ثنا سفيان، عن الزهري، سمع سهل بن سعد الساعدي يقول: "شهدت النبي -عليه السلام- فرق بين المتلاعنين، فقال: يا رسول الله كذبت عليها إن أمسكتها".

حدثنا يونس، قال: ثنا ابن وهب، قال: ثنا مالك بن أنس، عن ابن شهاب، أن سهل بن سعد الساعدي أخبره: "أن عويمر العجلاني جاء إلى عاصم بن عدي الأنصاري فقال له: أرأيت يا عاصم لو أن رجلًا وجد مع امرأته رجلًا، أيقتله


(١) سورة النور، آية: [٦].

<<  <  ج: ص:  >  >>