وقال أبو عمر: لا خلاف علمته بين العلماء فيمن قتل رجلًا ثم ادعى إنه إنما قتله لأنه وجده مع امرأته بين فخذيها أو نحو ذلك من وجوه زناه بها، ولم يعلم ما ذكر عنه إلا بدعواه أنه لا يقبل منه ما ادعاه، وأنه يقتل به إلا أن يأتى بأربعة شهداء يشهدون أنهم رأوا وطأه لها وإيلاجه فيها، ويكون مع ذلك محصنا مسلمًا بالغًا.
قوله:"قد كَرِهَ رسول الله -عليه السلام-" قيل: يحتمل أنه كره قذف الرجل امرأته ورميها في غير بَيِّنَة لاعتقاده أن الحد يجب عليه، وذلك قبل نزول حكم اللعان، بدليل قوله في الحديث الآخر لهلال بن أمية:"البينة وإلا حد في ظهرك. . . ." الحديث. وفيه نزل:{وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ}(١) الآية، ويحتمل أنه كره السؤال لما فيه من قبح النازلة والفاحشة وهتك ستر المسلم، أو لما كان فيه من نهيه عن كثرة السؤال إما سدًّا لباب سؤال أهل الشغب من الجهلة والمنافقين وأهل الكتاب، أو لما يخشى من كثرة السؤال من التضييق عليهم في الأحكام التي لو سكتوا عنها لم يُلْزَموها وتُرِكُوا إلى اجتهادهم كما قال:"اتركوني ما تركتكم، فإنما هلك من كان قبلكم بكثرة سؤالهم أنبيائهم".
قلت: المسائل إذا كانت فيما يضطر إليها السائل فلا بأس بها، وقد كان -عليه السلام- يُسأل عن الأحكام فلا يكره ذلك، وإن كان على جهة التعنيت فهو منهي عنه.
وعاصم بن عدي هذا إنما سأل لغيره، ولعله لم يكن به ضرورة إلى ذلك.
قوله:"وَسْط النَّاس" بسكون السين؛ لأن الوسط بالسكون يقال فيما كان متفرق الأجزاء غير متصل، كالناس والدواب وغير ذلك، فإذا كان متصل الأجزاء كالدار والرأس فهو بالفتح، وقيل: كل ما يصلح فيه "بين" فهو بالسكون، وما لا يصلح فيه "بين" فهو بالفتح، وقيل: كل منهما يقع موقع الآخر وكأنه الأشبه.