للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ونحوه عن أبي يوسف ومحمد، بن الحسن إلا أن يكون مقرونًا بحمل، أو رآه فلم ينكره.

قوله: "وأنا مع النَّاس" فيه أن سنة التلاعن أن لا يكون مكتومًا ويكون مشهودًا بحضرة الناس، وأن سنته أن يكون بحضرة الإِمام أو من يستنيبه الإِمام لذلك من الحكام، وهذا إجماع أن لا يكون إلا بالسلطان.

قوله: "كذبت عليها يا رسول الله إن أمسكتها، فطلقها ثلاثًا قبل أن يأمره رسول الله -عليه السلام-" قال الخطابي: يشبه أن يكون إنما دعي به -أي إلى هذا القول- لأنه لما قيل له: لا سبيل لك عليها، وجد من ذلك في نفسه شيئًا، فقال: كذبت عليها إن أمسكتها، هي طالق ثلاثًا يريد بذلك تحقيق ما مضى وتوكيده. وقال عياض: احتج بهذا الشافعي على جواز الطلاق ثلاثًا في كلمة واحدة.

وانفصل أصحابنا عن هذا بأنها قد بانت منه باللعان، فوقعت الثلاث على غير زوجة فلم يكن لها تأثير، وقال الخطابي: وقد يحتج بذلك من يرى أن الفرقة لا تقع بنفس اللعان حتى يفرق بينهما الحاكم، وذلك أن الفرقة لو كانت واقعة بينهما لم يكن للتطليقات الثلاث معنى.

قيل: يندفع هذا بما ذكرناه عن عياض آنفًا، وأيضًا فإن الفرقة لو لم تكن بنفس اللعان لكانت المرأة في حكم المطلقات ثلاثًا، وقد أجمعوا على أنها ليست في حكم المطلقات ثلاثًا فدل أن الفرقة واقعة قبل.

قلت: قال الحنفية: لا تقع الفرقة بينهما بنفس اللعان حتى يحكم القاضي بينهما بالفراق، لقوله: "ففرق بينهما" وهذه إشارة للحكم، وأيضًا فإن هذا من الفسوخ التي يحتاج فيها إلى حضرة الحاكم فإنها لا تقع إلا بهم.

قوله: "فكانت سنة المتلاعنين" أي الفرقة بينهما.

ص: فقد علمنا أن النبي -عليه السلام- لو علم الكاذب منهما بعينه لم يفرق بينهما ولم يلاعن، ولو علم أن المرأة صادقة لحدَّ الزوج لها بقذفه إياها، ولو علم أن الزوج

<<  <  ج: ص:  >  >>