للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النخعي -فيمن ساق إلى امرأته رجلًا حرًّا- فقال إبراهيم: "هو رهن بما جعل فيه حتى يَفْتَكّ نفسه".

وعن زرارة بن أوفى قاضي البصرة من التابعين أنه باع حرًّا في دين، وقد روينا هذا القول عن الشافعي وهي قول غريبة لا يعرفها من أصحابه إلا من تبحر في الحديث والآثار؟. انتهى.

ثم الكلام في قوله تعالى: {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ} (١) فنقول: فيه تأويلان:

أحدهما: أن تكون "كان" من النواقص ويكون الخبر محذوفًا تقديره: وإن كان ذو عسرة غريمًا لكم، فنظرة أي فعليكم انتظاره إلى ميسرته.

والثاني: أن تكون "كان" تامة بمعنى وُجِدَ ووقع، أي: وإن وُجِدَ ذو عسرة فنظرة.

وقد اختلف في حكم هذه الآية: فروي عن ابن عباس وشريح وإبراهيم أنه في الربا خاصة.

وكان شريح يحبس المعسر في غيره من الديون.

وروي عن إبراهيم والحسن والربيع بن خثيم والضحاك أنه في سائر الديون.

وروي عن ابن عباس رواية أخرى مثل ذلك.

وقال آخرون: إن الذي في الآية إنظار المعسر في الربا، وسائر الديون في حكمه قياسًا عليه.

قلت: اللفظ عام يجب حمله على العموم ولا يُقتصر به على الربا إلا بدلالة؛ لما فيه من تخصيص لفظ العموم من غير دلالة.

قوله: "وقضى رسول الله -عليه السلام-" ذكره شاهدًا لصحة ما ذكره فيما قبله، وقد تقدم ذكر هذا في باب (٢).

قوله: "وهذا قول أهل العلم جميعًا" أي نسخ بيع الحر في الدين، وإنظار المعسر إلى وقت الميسرة هو قول [أهل] (٣) العلم جميعًا، ولا خلاف فيه اليوم، والله أعلم.


(١) سورة البقرة، آية: [٢٨٠].
(٢) بيض له المؤلف -رحمه الله-.
(٣) ليست في "الأصل، ك"، والسياق يقتضيها.

<<  <  ج: ص:  >  >>