دينه، فقال رسول الله -عليه السلام-: "تصدقوا عليه، فتصدق عليه، فلم يبلغ ذلك وفاء دينه، فقال رسول الله -عليه السلام-: خذوا ما وجد نفر، وليس لكم إلا ذلك".
وقد ذكرنا ذلك بأسانيده فيما تقدم من كتابنا هذا.
ففي قول رسول الله -عليه السلام- لغرمائه:"ليس لكم إلا ذلك" دليل على أن لا حق لهم في بيعه، ولولا ذلك لباعه كما باع سرق في دينه لغرمائه، وهذا قول أهل العلم جميعًا.
ش: كان بيع الحر بالدين جائزًا في صدر الإِسلام إذا لم يكن له مال يُوفي ما عليه؛ فلذلك باع -عليه السلام- سرق لما استهلك أموال الناس وركبت عليه ديون، ثم نسخ الله ذلك بقوله:{وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ}(١) وعليه وقع الإجماع، إلا ما روي عن الليث بن سعد أنه قال: يُؤاجر الحر المعسر فيقضي دينه من أجرته.
وقال الجصاص: ولا نعلم أحدًا قال بمثل هذا القول إلا الزهري؛ فإن الليث بن سعد روى عن الزهري قال: يُؤاجر المعسر بما عليه من الدين حتى يقضي عنه.
وقال ابن حزم في "المحلى"(١): وفي هذا خلاف قديم وحديث نورد -إن شاء الله- منه ما تيسر لإيراده؛ ليعلم مدعي الإجماع فيما هو أخفى من هذا أنه كاذب.
روينا من طريق محمَّد بن المثنى، ثنا عبد الرحمن بن مهدي ومعاذ بن هشام الدستوائي -قال عبد الرحمن: ثنا همام بن يحيى، وقال معاذ: ثنا أبي، ثم اتفق هشام وهمام- كلاهما عن قتادة، عن عبد الله بن بريدة:"أن رجلًا باع نفسه فقضى عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - بأنه عبد كما أقر على نفسه، وجعل ثمنه في سبيل الله -عز وجل-" هذا لفظ همام.
وأما لفظ هشام:"فإنه أقر لرجل حتى باعه" واتفقا فيما عدا ذلك، والمعنى واحد في كلا اللفظين.
ومن طريق ابن أبي شيبة، ثنا شريك، عن جابر، عن عامر الشعبي، عن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - قال:"إذا أقر على نفسه بالعبودية فهو عبد".
ومن طريق سعيد بن منصور، ثنا هشيم، أنا المغيرة بن مقسم، عن إبراهيم