للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأخرجه ابن يونس (١) في ترجمة سرق فقال: سُرَّق رجل من أصحاب النبي -عليه السلام-، روى عنه زيد بن أسلم، كان بالإسكندرية وهو معروف من أهل مصر وقد روى، حدثنا إسحاق بن إبراهيم بن يونس، ثنا محمَّد بن المثنى، نا عبد الصمد بن عبد الوارث، نا عبد الرحمن بن عبد الله بن دينار، ثنا زيد بن أسلم قال: "رأيت شيخًا بالإسكندرية يقال له: سرق، فقلت: ما هذا الاسم؟! فقال: سمانيه رسول الله -عليه السلام- فلن أدعه، قال: قلت: ولم سماك؟ قال: قدمت المدينة فأخبرتهم أن مالي يقدم، فبايعوني، فاستهلكت أموالهم، فأتوا النبي -عليه السلام- فذكروا ذلك له، فقال: أنت سرق، فباعني -قال: بأربعة أبعرة- فقال الغرماء للذي اشتراني: فما تصنع به؟ قال: أعتقه، قالوا فلسنا بأزهد في الأجر منك، قال: فأعتقوه، قال: وبقي اسمي هذا فلن أدعه".

قوله: "ثم خرجت من خلف لي" أراد به [ظهر بيته، يعني كان لبيته بابان، دخل من أحدهما فخلى الأعرابي عليها، وخرج من الآخر فقضى حاجته ثم عاد، وظن أن الأعرابي قد ذهب، فلا خرج مسكه وذهب به إلى النبي -عليه السلام-؛ ومن هذا القبيل ما جاء في حديث عائشة وبناء الكعبة، قال: "لولا حدثان قومك بالكفر؛ بنيتها على أساس إبراهيم، وجعلت لها خلفين. . . ." الحديث. كأنه أراد أن يجعل لها بابين، والجهة التي تقابل الباب من البيت ظهره؛ فإذا كان لها بابان فقد صار لها ظهران، والخلف: الظهر فافهم، ويقال للمربد أيضًا خلف. قال الجوهري: يقال: وراء بيتك خلف حيد وهو المربد. ويمكن أن يكون راء بيت مربد فخرج منه وغيبه.

ص: وقال أبو جعفر -رحمه الله-: ففي هذا الحديث بيع الحر في الدين، وقد كان ذلك في أول الإسلام يباع من عليه دين فيما عليه من الدين إذا لم يكن له مال يقضيه عن ئفسه، حتى نسخ الله -عز وجل- من الدين؛ فقال: {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ} (٢) وقضى رسول الله -عليه السلام- بذلك في الذي ابتاع الثمار فأصيب فيها، فكثر


(١) "المستدرك" (٢/ ٦٢ رقم ٢٣٣)، "سنن البيهقي الكبرى" (٦/ ٥٠ رقم ١١٠٥٦)، "سنن الدارقطني" (٣/ ٦٢ رقم ٢٣٦).
(٢) سورة البقرة، آية: [٢٨٠].

<<  <  ج: ص:  >  >>